واختلف أهلُ العربيةِ فى موضعِ ﴿يُؤْمِنُوا﴾؛ فقال بعضُ نحويى البصرةِ: هو نصبٌ؛ لأن جوابَ الأمرِ بالفاءِ، أو يكونُ دعاءً عليهم إذ عَصَوا. وقد حُكى عن قائل هذا القولُ أنه كان يقولُ: هو نصبٌ، عطفًا على قولِه: ﴿لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ﴾.
وقال آخرُ منهم (١) - وهو قولُ نحويى الكوفيينَ: موضعُه جزمٌ على الدعاءِ مِن موسي عليهم، بمعني: فلا آمنوا (٢)، كما قال الشاعرُ (٣):
فلا يَنْبَسط مِن بينِ عَينَيك ما انزَوَى … ولا تَلقَنى إلا وأنفُكَ رَاغِمُ
بمعنى: فلا انبسَطَ مِن بينِ عينَيك ما انزَوى، ولا لَقِيتَنى. على الدعاءِ. [وكان بعضُ نحويبى الكوفةِ يقولُ: هو دعاءٌ، كأنه قال: اللهمَّ](٤) فلا يؤمنوا. قال: وإن شئتَ جعلتَها جوابًا لمسئلتِه إياه؛ لأن المسئلةَ خَرَجَت على لفظِ الأمرِ، فتجعلُ ﴿فَلَا يُؤْمِنُوا﴾، في موضعِ نصبٍ على الجوابِ، وليس بسهلٍ قال: ويكونُ كقولِ الشاعرِ (٥):
يا ناقُ سيرى عَنَقًا (٦) فسيحا … إلى سليمانَ فَنستريحا
قال: وليس الجوابُ بسهلٍ في الدعاءِ؛ لأنه ليس بشرطٍ.
(١) ينظر مجاز القرآن ١/ ٢٨١. (٢) سقط من: ص، ت ١، ت ٢، س، ف. (٣) هو الأعشى الكبير. والبيت في ديوانه ص ٧٩. (٤) سقط من: ص، ت ١، ت ٢، س، ف (٥) هو أبو النجم العجلى. والبيت فى ديوانه ص ٨٢ وسيأتي في سورة إبراهيم. (٦) العنق: ضرب من السير، وهو المنبسط. اللسان (ع ن ق).