لأبيه؟ قال: فأتيتُ النبيَّ ﷺ فذكَرتُ ذلك له، فأنزَل الله: ﴿وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا﴾ (١) إلى ﴿تَبَرَّأَ مِنْهُ﴾ (٢).
حدَّثنا ابن بَشَّارٍ، قال: ثنا يحيى، عن سفيانَ، عن أبي إسحاقَ، عن أبي الخليلِ، عن عليٍّ، أن النبيَّ ﷺ كان يستغفِرُ لأبوَيه وهما مُشْرِكان، حتى نَزَلَت: ﴿وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ﴾ إلى قولِه: ﴿تَبَرَّأَ مِنْهُ﴾ (٣).
وقيل: ﴿وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ﴾، ومعناه: إلا مِن بعدِ موعدةٍ، كما يقالُ: ما كان هذا الأمرُ إلا عن سببِ كذا. بمعنى: مِن بعدِ ذلك السببِ أو مِن أجلِه. فكذلك قولُه: ﴿إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ﴾: مِن أجلِ موعدةٍ وبعدَها.
وقد تأوَّلَ قومٌ قولَ اللَّهِ: ﴿مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى﴾ الآية، أن النَّهْيَ مِن اللَّهِ عن الاستغفارِ للمشركين بعدَ مَماتِهم؛ لقوله: ﴿مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ﴾. وقالوا: ذلك لا يَتَبيَّنُه أحدٌ إلا بأن يموتَ على كفرِه، وأمَّا وهو حيٌّ فلا سبيلَ إلى علمِ ذلك، فللمؤمنين أن يَسْتغفروا لهم.
(١) من هنا خرم في مخطوطة الأصل وينتهي في ص ٨٨. (٢) أخرجه أحمد ٢/ ٣٢٨ (١٠٨٥)، والنسائي (٢٠٣٥)، وأبو يعلى (٣٣٥) من طريق عبد الرحمن مهدى به، وأخرجه أحمد ٢/ ١٦٢، ٣٢٨ (٧٧١، ١٠٨٥)، والترمذي (٣١٠١)، والبزار (٨٩٣، ٨٩٤)، وأبو يعلى (٦١٩)، وابن أبي حاتم في تفسيره ٦/ ١٨٩٣، والحاكم ٢/ ٣٣٥، والبيهقي في الشعب (٩٣٧٨) من طريق سفيان به، وأخرجه الطيالسي (١٣٣)، والبيهقى (٩٣٧٧) من طريق أبي إسحاق به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ٢٨٢ إلى ابن أبي شيبة وابن المنذر وأبى الشيخ وابن مردويه والضياء في المختارة. (٣) أخرجه أبو يعلى (٣٣٥) من طريق يحيى بن سعيد به.