الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ﴾ الآية: وكان المطَّوِّعون (١) مِن المؤمنين في الصدقاتِ عبدَ الرحمنِ بنَ عوفٍ، تَصَدَّقَ بأربعةِ آلافِ دينارٍ، وعاصمَ بنَ عَدِيٍّ أَخا بنِى العَجْلانِ، وذلك أن رسولَ اللهِ ﷺ رَغَّبَ في الصدقةِ وحَضَّ عليها، فقامَ عبدُ الرحمنِ بنُ عوفٍ فتَصَدَّقَ بأربعةِ آلافِ درهمٍ، وقام عاصمُ بنُ عَدِيٍّ فَتَصَدَّقَ بمائةِ وَسْقٍ مِن تمرٍ، فَلَمَزُوهما وقالوا: ما هذا إلا رياءً. وكان الذي تَصَدَّقَ بِجُهْدِه أبو عَقِيلٍ، أخو بني أُنَيْفٍ الإراشيُّ، حليفُ بني عمرِو بن عوفٍ، أَتَى بصَاعٍ مِن تمرٍ فأفْرَغَه في الصدقةِ، فَتَضاحَكوا به وقالوا: إن الله لغنيٌّ عن صاعِ أبي عَقِيلٍ (٢).
حدَّثنا محمدُ بنُ المُثَنَّى، قال: ثنا أبو النُّعْمانِ الحكمُ بنُ عبدِ اللهِ، قال: ثنا شعبةُ، عن سليمانَ، عن أبي وائلٍ، عن أبي (٣) مسعودٍ، قال: لمَّا نَزَلَت آيةُ الصدقةِ كُنَّا نُحامِلُ (٤). قال أبو النعْمانِ: كُنَّا نعملُ. قال: فجاء رجلٌ فتَصَدَّقَ بشيءٍ كثيرٍ. قال: وجاء رجلٌ فتَصَدَّقَ بصاعِ تمرٍ، فقالوا: إن الله لَغَنِيٌّ عن صاعٍ هذا. فنَزَلَت: ﴿الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ﴾ (٥).
حدَّثنا ابن وكيعٍ، قال: ثنا زيدُ بنُ حُبابٍ، عن موسى بن عُبيدةَ، قال: ثنى
(١) في م: "من المطوعين"، وينظر مصدر التخريج. (٢) سيرة ابن هشام ٢/ ٥٥١. (٣) في ص، ت ١، ت ٢، س، ف: "ابن". وينظر مصادر التخريج، وينظر تهذيب الكمال ١٢/ ٥٥٠. (٤) تحاملت الشيء: تكلفته على مشقة، والمحاملة: أن يتكلف الحمل بالأجرة ليكتسب ما يتصدق به. النهاية ١/ ٤٤٣. (٥) أخرجه الطيالسي (٦٤٣)، والبخارى (١٤١٥، ٤٦٦٨)، ومسلم (١٠١٨)، والنسائي (٢٥٢٩)، وابن أبي حاتم في تفسيره ٦/ ١٨٥٠، وابن حبان (٣٣٣٨، ٣٣٧٦)، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ٢٦٢ إلى ابن المنذر وأبى الشيخ وابن مردويه وأبي نعيم في معرفة الصحابة وغيرهم من طريق شعبة به.