حدَّثني المُثَنَّى، قال: ثنا الحَجَّاجُ بنُ المِنْهالِ الأنْماطيُّ، قال: ثنا أبو عوانةَ، عن [عمرَ بن](١) أبي سَلَمةَ، عن أبيه أن رسولَ الله ﷺ قال:"تَصَدَّقُوا، فإني أريدُ أن أبْعَثَ بَعْثًا". قال: فقال عبدُ الرحمنِ بنُ عوفٍ: يا رسولَ اللهِ، إن عندى أربعةَ آلافٍ؛ ألفَين أُقْرِضُهما الله، وألفين لِعيالي. قال: فقال رسولُ اللهِ ﷺ: "بارَكَ اللهُ لك فيما أعْطَيتَ، وبارَكَ لك فيما أَمْسَكْتَ". فقال رجلٌ مِن الأنصارِ: وإن عندى صاعَين مِن تمرٍ؛ صاعًا لربِّي، وصاعًا لِعيالي. قال: فلَمَزَ المنافِقون وقالوا: ما أَعْطَى ابن عوفٍ هذا إلا رياءَ. وقالوا: أو لم يكنِ اللهُ غَنِيًّا عن صاعِ هذا. فأنزَل اللهُ: ﴿الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾، إلى آخرِ الآيةِ (٢).
حدثني المُثَنَّى، قال: ثنا إسحاقُ، قال: ثنا عبدُ الرحمنِ بنُ سعدٍ، قال: أخبرَنا أبو جعفرٍ، عن الربيعِ بن أنسٍ في قولِه: ﴿الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ﴾. قال: أصابَ الناس جَهْدٌ شديدٌ، فأمَرهم رسولُ اللهِ ﷺ أن يَتَصَدَّقوا، فجاء عبدُ الرحمنِ بأربعِمائةِ أُوقيةٍ، فقال رسولُ اللهِ ﷺ:"اللهمَّ بارِكْ له فيما أَمْسَكَ". فقال المُنافِقون: ما فَعَل عبدُ الرحمنِ هذا إلا رياءً وسُمْعةً. قال: وجاءَ رجلٌ بصَاعٍ من تمرٍ، فقال: يا رسولَ اللهِ، آجَرْتُ نفسي بصاعَين، فانطلقتُ بصاعٍ منهما إلى أهلِى، وجئتُ بصاعٍ مِن تمرٍ. فقال المنافِقون: إن الله غنيٌّ عن صاع هذا. فأنزَل اللهُ هذه الآيةَ: ﴿وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ (٣).
حدَّثنا ابن حُمَيدٍ، قال: ثنا سَلَمةُ، عن ابن إسحاقَ: ﴿الَّذِينَ يَلْمِزُونَ
(١) سقط من النسخ، والمثبت من مصادر التخريج، وينظر تهذيب الكمال ٣٠/ ٤٤٣. (٢) أخرجه البزار (٢٢١٦ - كشف)، وابن أبي حاتم في تفسيره ٦/ ١٨٥١، وابن مردويه - كما في تخريج الكشاف للزيلعي ٢/ ٨٨ من طريق أبي عوانة به، وينظر المجمع ٧/ ٣٢. (٣) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٦/ ١٨٥١ من طريق عبد الرحمن بن سعد - وهو الدشتكى - به.