اخْتَلف أهلُ التأويلِ في تأويلِ ذلك؛ فقال بعضُهم: تأويلُه: ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ﴾: أى؛ وأنت مقيمٌ بينَ أَظْهُرِهم. قال: وأُنْزِلت هذه على النبيِّ ﷺ وهو مقيمٌ بمكةَ. قال: ثم خرَج النبىُّ ﷺ من بينِ أظْهُرِهم، فاستَغفر من بها من المسلمين، فأَنْزَل اللهُ (١) بعدَ خروجِه عليه حينَ استَغفر أولئك بها: ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾. قال: ثم خرَج أولئك البقيةُ من المسلمين من بينِهم فعذَّب الكفارَ.
ذكرُ من قال ذلك
حدَّثنا ابنُ حُميدٍ، قال: ثنا يعقوبُ، عن جعفرِ بنِ أبي المغيرةِ، عن ابنِ أَبْزَى، قال: كان النبيُّ ﷺ بمكةَ، فأنْزَل اللهُ (٢): ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ﴾. قال: فخرج النبىُّ ﷺ إلى المدينةِ، فأنزلَ اللهُ: ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾. قال: فكان أولئك البقيةُ من المسلمين الذين بقُوا فيها يستغفِرون، يعنى بمكةَ، فلما خرَجوا أنْزَل اللهُ عليه: ﴿وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ﴾. قال: فأذِن اللهُ له في فتحِ مكةَ، فهو العذابُ الذى وعَدهم (٣).
حدَّثني يعقوبُ، قال: ثنا هُشيمٌ، قال: أخبرنا حُصينٌ، عن أبي مالكٍ في قولِه: ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ﴾: يعنى النبيَّ ﷺ، ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾ يعنى من بها من المسلمين، ﴿وَمَا لَهُمْ
(١) زيادة ليست في: الأصل، ص، م، ت ١، ت ٢، س. (٢) بعده في ص، ت ٢، س، ف: "عليه". (٣) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٥/ ١٦٩٣ من طريق يعقوب به، وعزاه السيوطى في الدر المنثور ٣/ ١٨١ إلى أبى الشيخ.