حدَّثنا ابن وَكِيعٍ، قال: ثنا ابن عُلَيَّةَ، عن ابن عَوْنٍ، عن إبراهيمَ: في قراءتِنا: (والسارِقُون وَالسَّارِقَاتُ فاقْطَعُوا أَيْمَانَهما).
وفى ذلك دليلٌ على صحةِ ما قلنا مِن معناه، وصحةِ الرفعِ فيه، وأن ﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ﴾ مرفوعانِ بفعلِهما على ما وصَفتُ؛ للعللِ التي وصَفتُ.
وقال تعالى ذكرُه: ﴿فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا﴾ والمعنى: أيديَهما اليُمنَى.
كما حدَّثني محمدُ بنُ الحسينِ، قال: ثنا أحمدُ بنُ مُفَضَّلٍ، قال: ثنا أَسباطُ، عن السُّدِّيِّ: ﴿فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا﴾: اليُمنى.
حدَّثنا ابن وَكِيعٍ، قال: ثنا أبى، عن سُفيانَ، عن جابرٍ، عن عامرٍ، قال: في قراءةِ عبدِ اللَّهِ: (والسارِقُ والسارِقَةُ فَاقْطَعوا أيمانَهما)(١).
ثم اختَلَفوا في السارقِ الذي عَنَاهِ اللَّهُ؛ فقال بعضُهم: عنَى بذلك سارقَ ثلاثةِ دراهمَ فصاعدًا. وذلك قولُ جماعةٍ مِن أهلِ المدينةِ؛ منهم مالكُ بنُ أنسٍ ومَن قال بقولِه. واحتَجُّوا لقولِهم ذلك بأن رسولَ اللَّهِ ﷺ قطَع في مِجنٍّ (٢) قيمتُه ثلاثةُ دراهمَ (٣).
وقال آخَرون: بل عنَى بذلك سارقَ ربعِ دينارٍ أو قيمتِه. وممن قال ذلك الأَوزاعيُّ ومن قال بقولِه. واحتَجُّوا لقولِهم ذلك بالخبرِ الذي رُوِىَ عن عائشةَ أنها قالت: قال رسولُ اللَّهِ ﷺ: "القَطْعُ في رُبُعِ دينارٍ فصاعدًا"(٤).
(١) أخرجه البيهقى ٨/ ٢٧٠ من طريق مجاهد: في قراءة ابن مسعود. فذكره، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٢٨٠ إلى ابن المنذر وأبى الشيخ. (٢) المجن: التُّرس؛ لأنه يوارى حامله، أي: يستره. والميم زائدة. النهاية ١/ ٣٠٨. (٣) أخرجه البخارى (٦٧٩٥ - ٦٧٩٩)، ومسلم (١٦٨٦) من حديث عبد الله بن عمر. (٤) أخرجه بهذا اللفظ النسائي (٤٩٤٥)، وأخرجه البخارى (٦٧٨٩، ٦٧٩١)، ومسلم (١٦٨٤)، وغيرهما بنحوه.