[عن سِمَاكٍ أبي رُمَيْلٍ، قال: أخبرنا ابن عباسٍ، أن عمرَ بنَ الخطابِ حدَّثه قال: لما اعتزَل رسولُ اللهِ ﷺ نساءَه، وكان وجَد عليهن في اعتزالِهنَّ في مشرُبَةٍ (١) له في خِزانتِه، فقال عمرُ: دخلتُ المسجدَ فإذا الناسُ ينكُتُون الحصباءَ، ويقولون: طلَّق رسولُ اللهِ ﷺ نساءَه. فقلتُ: لأعلَمنَّ هذا اليومَ. وذلك قبلَ أن يأمرَ النبيُّ، ﵇، بالحجابِ، فدخَلْتُ على عائشةَ بنتِ أبي بكرٍ، فقلتُ: يا بنتَ أبي بكرٍ، قد بلَغ مِن أمرِكِ أن تؤذِى رسولَ اللهِ؟! قالت: ما لي وما لَك يا بنَ الخطابِ، عليك بعَيْبَتِكَ (٢). فأتيتُ حفصةَ بنتَ عمرَ، فقلتُ: يا حفصةُ، واللهِ لقد علِمتِ أنّ رسولَ اللَّهِ لم يُحبَّكِ، ولولا أنا لطلَّقكِ. قال: فبكتْ (٣) أشدَّ البكاءِ. قال: ثمّ قلتُ: أينَ رسولُ اللَّهِ؟ فقالت: في خزانتِه. فذهبتُ فإذا أنا برَبَاحٍ غلامِ رسولِ اللهِ ﷺ قاعِدًا على أُسْكُفَّةِ (٤) الغرفةِ مُدَلِّيا رجلَيْه على نَقِيرٍ - يعنى جِذْعًا مَبْقُورًا (٥) - فقلتُ: يا رباحُ، استأذِنْ لي عندَك على رسولِ اللهِ. فنظر رباحٌ إلى الغرفةِ، ثم نظَر إليَّ فسكَت، قال: فرفعتُ صوتي فقلتُ: استأذِن لي يا رباحُ؛ فإني أظنُّ أنّ رسولَ اللَّهِ يظنُّ أنّى إنما جئتُه مِن أجلِ حفصةَ، واللَّهِ لئن أمَرني رسولُ اللَّهِ أن أضربَ عنقَها لأضرِبنَّ عنقَها. قال: فنظر رباحٌ إلى الغرفةِ، ثم نظر إليّ فقال بيدِه هكذا - يعنى أنه أشار بيدِه أنِ ادْخُلْ - قال: فدخَلتُ على رسولِ اللهِ في خزانتِه، فإذا هو مضطجِعٌ على حصيرٍ، وإذا عليه إزارٌ، وجلَس فإذا الحصيرُ قد] (٦)
(١) المشربة بضم الراء وفتحها: الغرفة. النهاية (ش ر ب). (٢) العيبة في كلام العرب: وعاء يجعل الإنسان فيه أفضل ثيابه ونفيس متاعه، فشبهت ابنته بها، والمراد عليك بوعظ بنتك حفصة. صحيح مسلم بشرح النووى ١٠/ ٨٢. (٣) في الأصل: "فبكيت". والمثبت من مصدر التخريج. (٤) الأسكفة: عتبة الباب السفلى. المصدر السابق ١٠/ ٨٢. (٥) مبقور: أي مشقوق. التاج (ب ق ر). (٦) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س.