واختلِف في معنى "الصدِّيقين"؛ فقال بعضُهم: الصدِّيقون: تُبّاعُ الأنبياءِ الذين صدَّقوهم واتَّبَعوا منهاجَهم بعدَهم حتى لحِقوا بهم، فكأنَّ الصِّدِّيقَ "فِعِّيل" - على مذهبِ قائلى هذه المقالةِ - مِن الصدقِ، كما يُقالُ: رجلٌ سِكِّيرٌ - مِن السُّكْرِ، إذا كان مُدْمِنًا على ذلك - وشِرِّيبٌ وخِمِّيرٌ.
وقال آخَرون: بل هو "فِعِّيل" مِن الصَّدَقَةِ. وقد رُوِى عن رسولِ اللهِ ﷺ بنحوِ تأويلِ من قال ذلك خبرٌ (١)، وهو ما حدَّثنا به سفيانُ بنُ وكيعٍ، قال: ثنا خالدُ بن مَخْلَدٍ، عن موسى بن يعقوبَ، قال: أخبرَتنى عمَّتى قُرَيْبَةُ بنتُ عبدِ اللهِ بن وهبِ بن زَمعةَ، عن أمِّها كَرِيمةَ [بنتِ المقدادِ](٢)، عن ضُباعةَ (٣) بنتِ الزبيرِ - وكانت تحتَ المقدادِ - عن المقدادِ، قال: قلتُ للنبيِّ ﷺ: شيءٌ سمِعتُه منك شَكَكْتُ فيه. قال:"إذا شَكَّ أحدُكم في الأمرِ فَلْيَسْأَلْني عنه". قال: قُلْتُ: قولُك في أزواجِك: "إنى لأرْجُو لهن مِن بعديَ الصدِّيقين". قال:"مَن تَعْنون (٤) الصدِّيقين؟ ". قلتُ: أولادُنا الذين يَهْلِكون صغارًا، قال:"لا، ولكن الصدِّيقين هم المصدِّقون"(٥).
وهذا خبرٌ لو كان إسنادُه صحيحًا لم نَسْتَجِزْ أن نَعْدُوه إلى غيرِه، ولكنْ (٦) في
(١) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س. (٢) في ص، ت ١: "ابنة المقدام". وينظر تهذيب الكمال ٣٥/ ٢٩٣. (٣) في ص، ت ١: "متاعه". وينظر تهذيب الكمال ٣٥/ ٢٢١. (٤) في ت ١، س: "يعنون". وفي مصدرى التخريج: "تعدون". (٥) أخرجه ابن أبي شيبة في مسنده (٤٨٩) - ومن طريقه الطبراني ٢٠/ ٢٦٠ (٦١٣) - عن خالد به، وأخرجه الطبراني ٢٠/ ٢٦١ (٦١٣) من طريق خالد به. (٦) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "ولو كان".