إسنادِه بعضُ ما فيه. فإذ كان ذلك كذلك، فالذى هو أولى بـ "الصدِّيقِ"(١) أن يَكُونَ معناه: المصدِّقَ (٢) قولَه بفعلِه. إذ كان الفِعِّيلُ في كلامِ العربِ [إنما يأتى](٣) إذا كان مأخوذًا من الفعلِ بمعنى المبالغةِ، إما في المدحِ وإما في الذمِّ، ومنه قولُه جلَّ ثناؤُهُ في صفةِ مريمَ: ﴿وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ﴾ [المائدة: ٧٥]. وإذا (٤) كان معنى ذلك ما وصَفنا، كان داخلًا من كان موصوفًا بما قُلْنا في صفةِ المُتصدِّقين والمصدِّقين (٥).
﴿وَالشُّهَدَاءِ﴾. وهم جمعُ شهيدٍ: وهو المقتولُ في سبيلِ اللهِ، سمِّى بذلك لقيامِه بشهادةِ الحقِّ في جنبِ اللهِ حتى قُتِل، ﴿وَالصَّالِحِينَ﴾ وهم جمعُ صالحٍ، وهو كلُّ مَن (٦) صلُحت سريرتُه وعلانِيَتُه.
وأما قولُه جلَّ ثناؤُه: ﴿وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا﴾. فإنه يَعْنى: وحسُن هؤلاء الذين نعتُّهم ووصَفْتُهم (٧) رفقاءَ في الجنةِ. والرفيقُ في لفظِ واحدٍ (٨)، بما الجميعِ (٩)، كما قال الشاعرُ (١٠):
(١) في الأصل: "بالتصديق". (٢) في الأصل: "المتصدق". (٣) سقط من: الأصل. (٤) في الأصل: "إنما"، وفى س: "إن". (٥) بعده في س: "به والصديقين". (٦) في الأصل: "ما". (٧) في ص، م: "وصفهم". (٨) في م: "الواحد". (٩) في الأصل: "الجمع". (١٠) هو جرير بن عطية، والبيت في ديوانه ١/ ٣٧٢. (١١) في م: "نصبن".