سَلَمةُ بن الفضلِ، قال: حدَّثني محمدُ بنُ إسحاقَ، قال: حدَّثني الكَلْبيُّ، عن أبي صالحٍ، عن ابنِ عباسٍ، عن جابرِ بنِ عبدِ اللَّهِ بنِ رِئابٍ، قال: مرَّ أبو ياسرِ بنُ أخْطَبَ برسولِ اللَّهِ ﷺ وهو يَتْلُو فاتحةَ (١) سورةِ البقرة ﴿الم (١) ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ﴾ فأتَى أخاه حُيَيَّ بنَ أخْطَبَ في رجالٍ مِن يهودَ، فقال: تَعْلَمُون (٢) واللَّهِ، لقد سمِعْتُ محمدًا يَتْلُو فيما أنْزَل اللَّهُ عليه ﴿الم (١) ذَلِكَ الْكِتَابُ﴾ فقالوا: أنت سمِعْتَه؟ قال: نعم. فمشَى حُيَيُّ بنُ أخْطَبَ في أولئك النفرِ مِن يهودَ إلى رسولِ اللَّهِ ﷺ، فقالوا: يا محمدُ، ألم يُذْكَرْ لنا أنك تَتْلُو فيما أُنْزِل عليك ﴿الم (١) ذَلِكَ الْكِتَابُ﴾؟ فقال رسولُ اللَّهِ ﷺ:"بَلَى" قالوا. أجاءك بها (٣) جبريلُ مِن عندِ اللَّهِ؟ فقال:"نَعَمْ". قالوا: لقد بعَث اللَّهُ قبلَك أنبياءَ ما نَعْلَمُه بيَّن لنبيٍّ منهم ما مُدَّةُ مُلْكِه، وما أُكْلُ (٤) أمَّتِه غيرَك. فقال حُيَيُّ بنُ أخْطَبَ وأقبلَ على مَن كان معه، فقال لهم: الألفُ واحدةٌ، واللامُ ثلاثونَ، والميمُ أربعون، فهذه إحدى وسبعون سنةً، أفتَدْخُلُونَ (٥) في دينِ نبيٍّ إنما مدةُ مُلْكِه وأُكلُ (٦) أُمَّتِه إحدى وسبعونَ سنةً؟ قال: ثم أقبلَ على رسولِ اللَّهِ ﷺ، فقال: يا محمدُ، هل مع هذا غيرُه؟ قال:"نَعَمْ". قال: ماذا؟ قال:" ﴿المص﴾ ". قال: هذه أثقلُ وأطولُ؛ الألفُ واحدةٌ، واللامُ ثلاثون، والميم أربعون، والصادُ تسعون (٧)، فهذه إحدى
(١) بعده في ص: "الكتاب". (٢) في سيرة ابن هشام: "تعلّموا". أي: اعلموا. (٣) في ص، م: "بهذا". (٤) في م، ت ٢: "أجل". والأُكل: الرزق. ومنه قيل للميت: انقطع أكله. اللسان (أ ك ل). والمراد مدة الأمة التي يأكلون فيها رزقهم. (٥) في م: "قال: فقال لهم: أتدخلون". (٦) في م: "أجل". (٧) في ر، ونسخة من سيرة ابن هشام: "ستون".