ولا شكَّ أن الإلاهةَ (١) - على ما فسَّره ابنُ عباسٍ ومجاهدٌ - مصدرٌ مِن قولِ القائلِ: ألَه اللَّهَ فلانٌ إلاهةً. كما يقالُ: عبَد اللَّهَ فلانٌ عبادةً، وعبَر الرؤيا عبارةً. فقد بيَّن قولُ ابنِ عباسٍ ومجاهدٍ هذا أن "ألَه" عبَد، وأن الإلاهةَ مصدرُه.
فإن قال: فإن كان جائزًا أن يقالَ لمن عَبد اللَّهَ: ألَهه - على تأويلِ قولِ ابنِ عباسٍ ومجاهدٍ - فكيف الواجبُ في ذلك أن يقالَ إذا أراد المُخْبِرُ [الخبرَ عن](٢) استيجابِ اللَّهِ ذلك على عبدِه؟
قيل: أما الروايةُ فلا روايةَ به (٣) عندَنا، ولكن الواجبَ على قياسِ ما جاء به الخبرُ عن رسولِ اللَّهِ ﷺ الذي حدَّثنا به إسماعيلُ بنُ الفضلِ، قال: حدَّثنا إبراهيمُ بنُ العَلاءِ، قال: حدَّثنا إسماعيلُ بنُ عَيَّاشٍ، عن إسماعيلَ بنِ يحيى، عن ابنِ أبي مُلَيْكةَ، عمَّن حدَّثه، عن ابنِ مسعودٍ، ومِسْعَرِ بنِ كِدَامٍ، عن عطيةَ العَوْفيِّ، عن أبي سعيدٍ قال: قال رسولُ اللَّهِ ﷺ: "إِنَّ عيسى أسْلَمَتْه أُمُّه إلى الكُتَّابِ ليُعَلِّمَه، فقال له المُعَلِّمُ: اكْتُب: اللَّه. فقال له عِيسى: أتَدْرِي ما اللَّهُ؟ اللَّهُ إلهُ الآلِهَةِ" - أن يُقالَ: اللَّهُ جلّ ثناؤُه إلهُ العبدِ، والعبدُ ألَهه. وأن يكونَ قولُ القائلِ: اللَّهُ. مِن الكلامِ (٤) أصلُه الإلهُ.
(١) في ر: "إلاهة". (٢) في ص: "الخبر"، وفي ر: "عن الخبر". (٣) سقط من: م، وفي ص: "فيه". (٤) في م: "كلام العرب".