وهذا الخبرُ يُنْبئُ عن أنّ الصحيحَ من القولِ أنّ الفِديةَ إنما تجِبُ على الحالقِ بعدَ الحلْقِ، وفسادِ قولِ مَن قال: يَفْتَدِي ثم يَحلِقُ. لأن كعبًا يُخبِرُ أن النبيَّ ﷺ أمرَه بالفديةِ بعدَما أمرَه بالحلْقِ فحلَق.
حدَّثني محمدُ بنُ بشارٍ، قال: ثنا مؤمَّلٌ، قال: ثنا سفيانُ، قال: ثنا عبدُ الرحمنِ بنُ الأصبهانيِّ، عن عبدِ اللَّهِ بنِ مَعقلٍ، عن كعبِ بنِ عُجرةَ، أنه قال: أمَرني رسولُ اللَّهِ ﷺ بصيامِ ثلاثةِ أيامٍ، أو فَرَقٍ من طعامٍ بينَ ستَّةِ مساكينَ (٢).
حدَّثني محمدُ بنُ المثنَّى، قال: ثنا محمدُ بنُ جعفرٍ، قال: ثنا شعبةُ، عن عبدِ الرحمنِ بنِ الأصبهانيِّ، عن عبدِ اللَّه بنِ مَعقلٍ، قال: قعَدتُ إلى كعبٍ وهو في المسجدِ، فسألتُه عن هذه الآيةِ: ﴿فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ﴾. فقال كعبٌ: نزَلتْ فيَّ؛ كان بي أذًى من رأسِي، فحُمِلتُ إلى رسولِ اللَّهِ ﷺ والقملُ يتناثرُ علَى وجْهِي، فقال:"ما كُنْتُ أُرَى أنَّ الجَهْدَ بَلَغَ (٣) مِنْكَ ما أرَى، أتجِدُ شاةً؟ ". فقلتُ: لَا، فنزَلتْ هذه الآيةُ: ﴿فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ﴾. قال: فنزَلتْ فيَّ خاصةً، وهي لكم عامَّةً (٤).
(١) أخرجه أحمد ٣٠/ ٤٨ (١٨١٢٣)، والترمذي ٥/ ١٩٧ عقب الحديث (٢٩٧٣) من طريق أشعث به. وخالف أشعث مغيرة بن مقسم فرواه عن الشعبي عن كعب أخرجه إبراهيم بن طهمان في مشيخته ص ٢٠٥ (١٦٧). (٢) أخرجه أحمد ٣/ ٤٥ (١٨١١٩)، والطحاوي في شرح المعاني ٣/ ١٢٠ من طريق مؤمل به نحوه. (٣) في الأصل، ت ١، ت ٢، ت ٣: "يبلغ". وهو رواية للبخاري والنسائي. (٤) أخرجه مسلم (١٢٠١/ ٨٥)، والنسائي في الكبرى (٤١١٣) من طريق محمد بن المثنى به، وأخرجه أحمد ٣٠/ ٣٧ - ٣٩ (١٨١٠٩ - ١٨١١١)، والبخاري (١٨١٦، ٤٥١٧)، وابن ماجه (٣٠٧٩)، والنسائي في الكبرى (١١٠٣١)، وابن أبي حاتم في تفسيره ١/ ٣٣٨ (١٧٨١)، والواحدي في أسباب النزول ص ٣٩ من طريق شعبة به، وينظر الطيالسي (١١٥٨).