الضحاك يقولُ في قوله: ﴿مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى﴾: مكَث جبريلُ عن محمدٍ ﷺ، فقال المشركون: قد ودَّعه ربُّه وقلاه. فأنزل الله هذه الآية (١).
حدَّثني محمدُ بنُ سعدٍ، قال: ثنى أبي، قال: ثنى عمي، قال: ثنى أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: ﴿مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى﴾. قال: لما نزل عليه القرآنُ، أبطأ عنه جبريلُ أيَّاما، فعُيِّر بذلك، فقال المشركون: ودَّعه ربُّه وقلاه. فأنزَلَ اللَّهُ: ﴿مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى﴾ (٢).
حدَّثنا أبو كريبٍ، قال: ثنا وكيعٌ، عن هشام بن عروة، عن أبيه، قال: أبطأ جبريلُ على النبيِّ ﷺ، فجَزع جَزَعًا شديدًا، وقالت خديجةُ: أرى ربَّك قد قلاك، مما نَرى مِن جَزَعِك. قال: فنزلت: ﴿وَالضُّحَى (١) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (٢) مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى﴾ إلى آخرها (٣).
وقولُه: ﴿وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: وللدارُ الآخرةُ، وما أعدَّ الله لك فيها، خيرٌ لك من الدارِ الدنيا وما فيها. يقولُ: فلا تَحْزَنْ على ما فاتك منها؛ فإنَّ الذي لك عند الله خيرٌ لك منها.
وقولُه: ﴿وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: ولسوف يُعطيك يا محمدُ ربُّك في الآخرة من فواضل نِعَمِه، حتى تَرْضى.
وقد اختلف أهلُ العلم في الذي وعده من العطاء؛ فقال بعضُهم: هو ما حدَّثني
(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ٣٦٠ إلى المصنف. (٢) أخرجه ابن مردويه - كما في تخريج الزيلعي للكشاف ٤/ ٢٢٨ - من طريق محمد بن سعد به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ٣٦٠ إلى المصنف. (٣) أخرجه الواحدى في أسباب النزول ص ٣٣٧ من طريق هشام به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ٣٦٠ إلى ابن المنذر. كما أخرجه الحاكم ٢/ ٦١٠، ٦١١، والبيهقي في الدلائل ٧/ ٦٠ من طريق هشام بن عروة، عن أبيه، عن خديجة، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ٣٦٠ إلى ابن مردويه.