حدِّثتُ عن الحسينِ، قال: سمِعتُ أبا معاذٍ يقولُ: ثنا عبيدٌ، قال: سمِعتُ الضحاكَ يقولُ في قولِه: ﴿عَبَسَ وَتَوَلَّى﴾: تصدَّى رسولُ اللَّهِ ﷺ الرجلٍ من مشركي قريشٍ كثيرِ المالِ، ورجَا أن يؤمِنَ، وجاء رجلٌ مِن الأنصارِ أعمَى، يقالُ له: عبدُ اللَّهِ ابنُ أُمِّ مكتومٍ. فجعَل يسألُ نبيَّ اللهِ ﷺ، فكرِهه نبيُّ اللَّهِ ﷺ وتولَّى عنه، وأقبَل على الغنيِّ، فوعَظ اللَّهُ نبيَّه، فأكْرَمه نبيُّ اللَّهِ ﷺ، واستخْلَفه على المدينةِ مرَّتين، في غزوتين غزاهما (١).
حدَّثني يونسُ، قال: أخبَرنا ابنُ وهبٍ، قال: قال ابنُ زيدٍ، وسألتُه عن قولِ اللَّهِ ﷿: ﴿عَبَسَ وَتَوَلَّى (١) أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى﴾. قال: جاء ابنُ أمِّ مكتومٍ إلى رسولِ اللَّهِ ﷺ، وقائدُه يُبْصِرُ وهو لا يُبْصِرُ. قال: ورسولُ اللَّهِ ﷺ ما يشِيرُ إلى قائدِه يَكُفَّ، وابنُ أمِّ مكتومٍ يدفَعُه ولا يُبْصِرُ. قال: حتى عبَس رسولُ اللَّهِ ﷺ، فعاتَبه اللَّهُ في ذلك، فقال: ﴿عَبَسَ وَتَوَلَّى (١) أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى (٢) وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى﴾. إلى قولِه: ﴿فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى﴾ (٢).
قال ابنُ زيدٍ: كان يقالُ: لو أنَّ رسولَ اللَّهِ ﷺ كتَم مِن الوحيِ شيئًا كتَم هذا عن نفسه. قال: وكان يتصدَّى لهذا الشريفِ في جاهليتِه رجاءَ أَنْ يُسلِمَ، وكان عن هذا يتلهَّى (٣).
وقولُه: ﴿وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى﴾. يقولُ تعالى ذكرُه لنبيِّه محمدٍ ﷺ: وما
= تفسيره ٢/ ٣٤٨ - ومن طريقه أبو يعلى (٣١٢٣) - وابن سعد ٤/ ٢١٢ من طريق معمر به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ٣١٤ إلى عبد بن حميد. (١) أخرجه ابن سعد ٤/ ٢٠٩ من طريق عن الضحاك، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ٣١٥ إلى ابن المنذر. (٢) ذكره ابن كثير في تفسيره ٨/ ٣٤٤. (٣) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ٣١٥ إلى ابن أبي حاتم.