عليهم، بعيدًا وقوعُه. وإنما أَخْبَر جلَّ ثناؤُه أنهم يَرَوْن ذلك بعيدًا؛ لأنهم كانوا لا يُصَدِّقون به، ويُنْكِرون البعثَ بعد المماتِ، والثوابَ والعقابَ.
فقال: إنهم يَرَوْنه غيرَ واقعٍ، ونحنُ نراه قريبًا؛ لأنه كائنٌ، وكلُّ ما هو آتٍ قريبٌ.
والهاءُ والميمُ من قولِه: ﴿إِنَّهُمْ﴾. من ذكرِ الكافرين. والهاءُ من قولِه: ﴿يَرَوْنَهُ﴾. من ذكرِ العذابِ.
وقولُه: ﴿يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاءُ كَالْمُهْلِ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: يومَ تكونُ السماءُ كالشيءِ المُذابِ. وقد بيَّنْتُ معنى المُهْلِ فيما مضَى بشواهدِه، واختلافَ المختلفين فيه، وذكَرْنا ما قال فيه السلفُ (١)، فأغْنَى ذلك عن إعادتِه في هذا الموضعِ.
حدَّثني محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسي، وحدَّثني الحارثُ، قال: ثنا الحسنُ، قال: ثنا ورقاءُ، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قولَه: ﴿كَالْمُهْلِ﴾. قال: كعَكَرِ الزيتِ (٢).
حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاءُ كَالْمُهْلِ﴾: تَتَحَوَّلُ يومَئِذٍ لونًا آخرَ؛ إلى الحمرةِ.