يعلَمُ أوليائى وحِزْبى. وبنحوِ ما (١) قلْنا في ذلك [قالت جماعةٌ من](٢) أهلِ التأويلِ.
ذكرُ من قال ذلك
حدَّثنى المثنَّى، قال: حدَّثنا أبو صالحٍ، قال: حدثنى معاويةُ، عن عليِّ بنِ أبى طلحةَ، عن ابنِ عباسٍ: ﴿وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ﴾. قال ابنُ عباسٍ: لنَميزَ أهلَ اليقينِ من أهلِ الشكِّ (٣) والرِّيبةِ (٤).
وقد (٥) قال بعضُهم: إنما قيلَ ذلك من أجلِ أن العربَ تضَعُ العِلْمَ مكانَ الرؤْيةِ، والرؤيةَ مكانَ العلمِ، كما قال جل ثناؤُه: ﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ﴾ [الفيل: ١]، فزعَم أن معنى: ﴿أَلَمْ تَرَ﴾ ألم تعْلَمْ؟ وزعَم أن معنى قولِه: ﴿إِلَّا لِنَعْلَمَ﴾ بمعنى: إلا لنَرى من يتّبعُ الرسولَ. وزعَم أن قولَ القائلِ: رأيْتُ وعلِمتُ وشهِدتُ. حروفٌ تتعاقَبُ، فيوضَعُ بعضُها موضعَ بعضٍ، كما قال جريرُ ابنُ عطيةَ (٦):
كأنّك لم تَشْهَدْ لَقِيطًا وحاجِبًا … وعمرَو بنَ عمرٍو إذ دعا (٧) يا لدارِمِ
بمعنى: كأنك لم تعلَمْ لقيطًا؛ لأن بينَ هُلْكِ لَقيطٍ وحاجبٍ وزمانِ جريرٍ ما لا يَخْفى بُعدُه من المُدَّةِ، وذلك أن الذين ذكَرهم هلَكوا في الجاهليةِ، وجريرٌ كان بعدَ
(١) في م: "الذي". (٢) في م: "قال". (٣) في م: "الشرك". (٤) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ١/ ٢٥٠ (١٣٤١) من طريق أبي صالح به. (٥) سقط من: م. (٦) ديوان جرير ٢/ ١٠٠٤. (٧) في الديوان: "دعوا".