الضحاكَ يقولُ في قولِه: ﴿بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ﴾: يعني الجنونَ.
حدَّثني محمدُ بنُ سعدٍ، قال: ثنى أبي، قال: ثنى عمي، قال: ثنى أبي، عن أبيه، عن ابنِ عباسٍ: يقولُ: بأيِّكم الجنونُ (١).
وقال آخرون: بل معنى ذلك: أيُّكم أولى بالشيطانِ. فالباءُ على قولِ هؤلاء زيادةٌ؛ دخولُها وخروجُها سواءٌ، ومثَّل هؤلاء ذلك بقولِ الراجزِ (٢):
نحن بنو جَعْدةَ أصحابُ الفَلَجْ
نَضْرِبُ بالسيفِ ونَرْجُو بالفَرَجْ
بمعنى: ونَرْجُو الفَرَجَ. فدخولُ الباءِ في ذلك عندَهم في هذا الموضعِ وخروجُها سواءٌ.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ (٥) بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ﴾: يقولُ: أيُّكم أولى بالشيطانِ.
حدَّثنا ابنُ عبد الأعلى، قال: ثنا ابنُ ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادةَ في قولِه: ﴿بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ﴾. قال: أيُّكم أولى بالشيطانِ (٣).
واخْتَلَف أهلُ العربيةِ في ذلك نحوَ اختلافِ أهلِ التأويلِ؛ فقال بعضُ نحويِّي البصرةِ: معنى ذلك: فستُبْصِرُ ويُبْصِرون أيُّكم المفتونُ.
(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ٢٥١ إلى المصنف. (٢) تقدم تخريجه في ١٧/ ٣١، ٣٢. (٣) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ٢/ ٣٠٨ عن معمر به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ٢٥١ إلى عبد بن حميد.