وإن قال قائلٌ منهم ذلك، قاله على وجهِ الغَلطِ؛ توهمًا به: أنت تُكَلِّمُنى. و: أنتما تُكَلِّمانَنى. و: أنتم تُكَلِّمُونَنى. كما قال الشاعرُ (١):
وما أَدْرى وظَنِّى كلَّ ظَنٍّ … أَمُسْلِمُنى إلى قومي شَراحي
فقال: أمُسْلِمُنى. وليس (٢) ذلك وجهَ الكلام، بل وجهُ الكلامِ: أَمُسْلِمى. فأما إذا كان الاسمُ (٣) ظاهرًا ولم يَكُنْ متصلًا بالفاعلِ، فإنهم ربما أضافوا، وربما لم يُضيفوا، فيقال: هذا مكلِّمٌ أخاك ومُكلِّمُ أخيك. و: هذان مُكَلِّما أخيك ومُكلِّمان أخاك. و: هؤلاء مُكَلِّمو أخيك. و: مُكَلِّمون أخاك. وإنما تُختارُ الإضافةُ في المكنىِّ المتصلِ بفاعلٍ؛ لمصيرِ الحرفين باتصالِ أحدِهما بصاحبِه كالحرفِ الواحدِ.
وقولُه: ﴿تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ﴾. يقولُ: فلما رأى قرينَه في النارِ قال: تاللَّهِ إن كدتَ في الدنيا لَتُهْلِكُنى بصدِّك إياى عن الإيمان بالبعثِ والثوابِ والعقابِ.
وبنحوِ الذي قلْنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثني محمدُ بنُ الحسينِ، قال: ثنا أحمدُ، قال: ثنا أسباطُ، عن السدىِّ قولَه: ﴿إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ﴾. قال: لَتُهْلِكُنى.
يقالُ منه: أردَى فلانٌ فلانًا. إذا أهلَكه، و: ردِى فلانٌ. إذا هلَك، كما قال الأَعْشَى (٤):
(١) هو يزيد بن محمد الحارثى كما في الدرر اللوامع ١/ ٤٣. والبيت بلا نسبة في المحتسب ٢/ ٢٢، ومعاني الفراء ٢/ ٣٨٦. (٢) فى ت ١: "لم يقل". (٣) في م: "الكلام". (٤) ديوانه ص ٤١.