بخَطاياهم - فتُمِيتُهم (١) إماتةً، حتى إذا صاروا فَحْمًا أُذِن في الشفاعةِ، فجِيءَ بهم ضَبائرَ ضَبائرَ (٢)، فبُثُّوا على أنهارِ (٣) الجنةِ، فيقالُ: يا أهلَ الجنةِ، أفِيضوا عليهم. فيَنْبُتُون كما تَنْبُتُ الحِبَّةُ في حَمِيلِ السَّيْلِ (٤) ". فقال رجلٌ مِن القومِ حينَئذٍ: كأن رسولَ اللهِ ﷺ قد كان بالباديةِ (٥).
فإن قال قائلٌ: وكيف قيل: ﴿وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا﴾، وقد قيل في موضعٍ آخرَ: ﴿كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا﴾ [الإسراء: ٩٧]؟ قيل: معنى ذلك: ولا يُخَفَّفُ عنهم من هذا النوعِ مِن العذابِ.
وقولُه: ﴿كَذَلِكَ نَجْزِي (٦) كُلَّ كَفُورٍ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: هكذا نُكافِئُ كلَّ جَحودٍ لنعمِ ربِّه يومَ القيامةِ؛ بأن نُدْخِلَه (٧) نارَ جهنمَ بسيئاتِهم التي قدَّموها في الدنيا.
وقولُه: ﴿وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: هؤلاء الكفارُ يَسْتَغِيثون، ويَضِجُّون في النارِ، يقولون: يا ربَّنا، أخْرِجْنا نَعْمَلْ صالحًا، أي: نعمَلْ (٨) بطاعتِك غيرَ الذي كنا نعمَلُ
(١) في م، ت ١: "فيميتهم". (٢) الضبائر: هم الجماعات في تفرقة. واحدتها ضُبارة. صحيح مسلم بشرح النووى ٣/ ٣٨. (٣) في م، ت ١: "أهل"، وبثوا: فُرِّقوا. المصدر السابق. (٤) الحبة، بكسر الحاء: وهى بزر البقول والعشب تنبت في البراري وجوانب السيول، وجمعها حِبَبٌ، وأما حميل السيل: ما جاء به السيل من طين أو غثاء، ومعناه محمول السيل، والمراد التشبيه في سرعة النبات وحسنه وطراوته. صحيح مسلم بشرح النووى ٣/ ٢٣. (٥) تقدم بسنده ومتنه مختصرًا في ١/ ٥٩٢، فينظر تخريجه هناك. (٦) في ت ١: "يجزى"، ويجزى، بضم الياء، قراءة أبي عمرو، وينظر السبعة ص ٥٣٥. (٧) في م، ت ١: "يدخلهم". وفى ت ٢: "تدخلهم". (٨) في م: "فعمل".