الأعمشِ، عن عطيةَ، عن أبي سعيدٍ، قال: لما كان [يومُ بدرٍ](١)، ظهَرت الرومُ على فارسَ، فأعجَب ذلك المؤمنين؛ لأنهم أهلُ كتابٍ، فأنزَل اللهُ:(الم. غَلَبت الرومُ فى أدنى الأرض). قال: كانوا قد غُلبوا قبلَ ذلك. ثم قرَأ حتى بلَغ: ﴿وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (٤) بِنَصْرِ اللَّهِ﴾.
وقولُه: ﴿فِي أَدْنَى الْأَرْضِ﴾. قد ذكَرتُ قولَ بعضِهم فيما تقدَّم قبلُ، وأَذْكُرُ قولَ مَن لم يُذْكَرْ قولُه.
حدَّثني عليٌّ، قال: ثنا أبو صالحٍ، قال: ثني معاويةُ، عن عليٍّ، عن ابنِ عباسٍ قولَه: ﴿فِي أَدْنَى الْأَرْضِ﴾. يقولُ: فى طَرَفِ الشَّامِ (٢).
ومعنى قولِه: ﴿أَدْنَى﴾: أقربُ، وهو أفعَلُ من الدنوِّ والقربِ. وإنما معناه: في أدنى الأرضِ من فارسَ، فترَك ذكرَ فارسَ استغناءً بدلالةِ ما ظهَر من قولِه: ﴿فِي أَدْنَى الْأَرْضِ﴾ عليه منه.
وقولُه: ﴿مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ﴾. مصدرٌ، من قولِ القائلِ: غَلَبْتُه غَلَبَةً. فحُذِفت الهاءُ من الغَلَبَةِ. وقيل: من بعدِ غَلَبِهم. ولم يُقَلْ: من بعدِ غَلَبَتِهم للإضافةِ، كما حُذِفت من قولِه: ﴿وَإِقَامِ الصَّلَاةِ﴾ [النور: ٣٧]. للإضافة. وإنما الكلامُ: وإقامةِ الصلاةِ.
(١) سقط من: ت ٢. (٢) أخرجه ابن عبد الحكم في فتوح مصر ص ٤٤ عن عبد الله بن صالح به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ١٥٢ إلى ابن المنذر.