قتادةَ: ﴿وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا﴾. يقولُ: ما كان عن مشورتِه، ولا عن رضًا منه، ولكنه شيءٌ افتَعَلَته الشياطينُ دونَه (١).
وقد دلَّلنا فيما مضَى قبلُ على اختلافِ المختلِفين فى معنى: ﴿تَتْلُو﴾. وتوجيهِ مَن وجَّه ذلك إلى أنه (٢) بمعنى "تلَت"، إذ كان الذى قبلَه خبرًا ماضيًا، وهو قولُه: ﴿تَتْلُو﴾. وتوجيهِ الذين وجَّهوا ذلك إلى خلافِ ذلك، وبيَّنا فيه وفى نظيرِه الصوابَ مِن القولِ، فأغنَى ذلك عن إعادتِه فى هذا الموضِعِ (٣).
وأمَّا معنى قولِه: ﴿مَا تَتْلُو﴾. فإنه: بمعنى: الذى تتلو، وهو السحرُ.
كما (٤) حدَّثنا ابنُ حميدٍ، قال: ثنا سلمةُ، عن ابنِ إسحاقَ: ﴿وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ﴾. أى: السحرَ.
ولعلَّ قائلًا أن يقولَ: أوَ ما كان السحرُ إلا أيامَ سليمانَ؟
قيل له: بل (٥) قد كان ذلك قبلَ ذلك، وقد أخبرَ اللهُ عن سَحَرةِ فرعونَ بما (٦) أخبرَ عنهم، وقد كانوا قبلَ سليمانَ، وأخبرَ عن قومِ نوحٍ أنهم قالوا لنوحٍ إنه ساحرٌ.
فإن (٧) قال: فكيف أخبرَ عن اليهودِ أنهم اتبَعوا ما تَلَته الشياطينُ فى (٨) عهدِ
(١) أخرجه ابن أبى حاتم فى تفسيره ١/ ١٨٧ (٩٩٠) من طريق سعيد بن بشير، عن قتادة. (٢) فى م: "أن تتلو". (٣) ينظر ما تقدم فى ص ٢٥٦. (٤) سقط من: م، ت ١، ت ٢، ت ٣. (٥) فى م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "بلي". (٦) فى م: "ما". (٧) سقط من: م، ت ١، ت ٢، ت ٣. (٨) فى م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "على".