وحدَّثنا ابنُ حميدٍ، قال: حدثنا سلمةُ، قال: حدَّثنا ابنُ إسحاقَ: ﴿وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ﴾: وذلك أن رسولَ اللهِ ﷺ -فيما بلَغنى- لمَّا ذكَر سليمانَ بنَ داودَ فى المرسَلين، قال بعضُ أحبارِ يهودَ: ألَا تعجَبون مِن محمدٍ، يزعُمُ أن ابنَ داودَ كان نبيًّا، واللهِ ما كان إلا ساحرًا. فأنزَل اللهُ فى ذلك مِن قولِهم: ﴿وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا﴾. أى: باتباعِهم السحرَ، [وعملِهم](١) به، ﴿وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ﴾ (٢).
فإذ (٣) كان الأمرُ فى ذلك ما وصَفنا، وتأويلُ قولِه: ﴿وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا﴾. ما ذكَرنا، فبيِّنٌ (٤) أن فى الكلامِ متروكًا، ترِك ذكرُه اكتفاءً بما ذكِر منه، وأن معنى الكلامِ: واتَّبَعوا ما تَتْلو الشياطينُ مِن السحرِ على مُلْكِ سليمانَ، فتُضِيفُه إلى سليمانَ، وما كفَر سليمانُ فيعمَلَ بالسحرِ، ولكنَّ الشياطينَ كفَروا يعلِّمون الناسَ السحرَ.
وقد كان قتادةُ يتأوَّلُ قولَه: ﴿وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا﴾. على [نحوِ ما ذكرْنا](٥).
حدَّثنا بشرُ بنُ معاذٍ، قال: حدثنا يزيدُ بنُ زُرَيْعٍ، قال: حدثنا سعيدٌ، عن
(١) فى ت ٢، ت ٣: "وعلمهم". (٢) سيرة ابن هشام ١/ ٥٤٤. (٣) فى م: "فإذا". (٤) فى م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "فتبين". (٥) فى م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "ما قلنا".