يقولُ تعالى ذكره لنبيِّه محمدٍ ﷺ: قُلْ يا محمد لسائليك من المشركين عن الساعة متى هي قائمةٌ؟ لا يعلمُ مَن في السماوات والأرض الغيب الذي قد استأثر الله بعلمه وحَجَب عنه خلقه - غيرُه، والساعةُ من ذلك، ﴿وَمَا يَشْعُرُونَ﴾. يقول: وما يدرى من في السماواتِ والأرض من خلقه، متى هم مبعوثون مِن قُبُورِهم لقيام الساعة؟
وقد حدَّثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا ابن عُلَيَّةَ، قال: أخبرنا داودُ بن أبى هندٍ، عن الشعبيِّ، عن مسروقٍ، قال: قالت عائشةُ: مَن زَعَم أنه يُخْبِرُ الناسَ بما يكون في غدٍ، فقد أعظم على الله الفِرْيَةَ، والله يقولُ: ﴿لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ﴾ (١).
واختلف أهل العربية في وَجْهِ رفعِ ﴿اللَّهُ﴾؛ فقال بعض البصريِّين: هو (٢) كما تقولُ (٣): ﴿إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ﴾ [النساء: ٦٦]. وفي حرف ابن مسعودٍ:(قليلًا)(٤) بدلًا من الأوَّلِ؛ لأنك نَفَيْتَه عنه، وجعلته للآخرِ.
وقال بعض الكوفيِّين (٥): إن شئتَ أن تَتَوَهَّم في ﴿مَنْ﴾ المجهول، فتكونَ معطوفة على (٦): قُلْ لا يعلم أحدٌ الغيب إلا الله. قال: ويجوز أن تكون ﴿مَنْ﴾
(١) تقدم تخريجه في ٨/ ٥٧١. (٢) سقط: ت ١، ف. (٣) في ص، ت ٢: "يقول". (٤) وهى قراءة أُبى وابن أبي إسحاق وعيسى بن عمر، وابن عامر من السبعة. البحر المحيط ٣/ ٢٨٥، وينظر ما تقدم في ٧/ ٢٠٨. (٥) هو الفراء في معاني القرآن ٢/ ٢٩٨، ٢٩٩. (٦) في ت ١، ت ٢، ف: "عليه".