معرفةً، ونزَل (١) ما بعدَ ﴿إِلَّا﴾ عليه، فيكونَ عَطْفًا، ولا يكونَ بدلًا؛ لأن الأوَّلَ مَنْفِيٌّ، والثانيَ مُثْبَتٌ، فيكونَ في النَّسَقِ، كما تقولُ: قامَ زيدٌ إلا عمرٌو. فيكونُ الثاني عطفًا على الأوَّلِ، والتأويلُ جَحْدٌ، ولا يكونُ أن يكونَ الخبرُ جَحْدًا، أو (٢) الجحدُ خبرًا. قال: وكذلك ﴿مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ﴾ [النساء: ٦٦]. و (قليلًا). مَن نَصَب فعلى الاستثناءِ في (٣) عبادتِكم إيَّاه، ومَن رفَع فعلى العطفِ، ولا يكونُ (٤) بدلًا (٥).
وقولُه: ﴿بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ﴾. اختلَفت القرأةُ في قراءةِ ذلك؛ فقرَأته عامةُ قرأةِ أهلِ المدينةِ سِوى أبى جعفرٍ وعامةِ قرأةِ أهلِ الكوفةِ: ﴿بَلِ ادَّارَكَ﴾ بكسر اللامِ مِن ﴿بَلِ﴾، وتَشْدِيدِ الدالِ مِن ﴿ادَّارَكَ﴾ (٦)، بمعنى: بل تَدارَكَ علمُهم. أي: تتابع علمُهم بالآخرةِ، هل هي كائنةٌ أم لا؟ ثم أُدغمت التاءُ في الدالِ، كما قيل: ﴿اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ﴾ [التوبة: ٣٨]. وقد بَيَّنا ذلك فيما مضَى بما فيه الكفايةُ مِن إعادتِه (٧).
وكان أبو عمرِو بنُ العلاءِ يُنكِرُ - فيما ذُكر عنه - قراءةَ مَن قرَأ:(بَلْ أَدْرَكَ)(٩)
(١) في ت ١، ت ٢: "ترك" (٢) في ص، ت ١، ت ٢: "و". (٣) في ت ١: "من". (٤) بعده في ت ١: "هذا"، وبعده في ف: "هنا". (٥) ينظر معاني القرآن ٢/ ٢٩٨، ٢٩٩. (٦) هي قراءة نافع وعاصم وابن عامر وحمزة والكسائى وخلف. النشر ٢/ ٢٥٤. (٧) ينظر ما تقدم في ٢/ ١١٩. (٨) هي قراءة أبي جعفر وابن كثير وأبي عمرو ويعقوب. المصدر السابق. (٩) وبها قرأ الحسن وأبو رجاء وابن محيصن وقتادة. المحتسب ٢/ ٩٢. وينظر البحر المحيط ٧/ ٩٢.