كانت على حرفين مثلَ:"صهٍ" و "مهٍ" و "بخٍ"، وإذا كانت على ثلاثةِ أحرفٍ شُبِّهت بالأدواتِ "أفَّ" مثلُ: ليتَ ومَدَّ، و "أُفِّ" مثلُ: مُدَّ، يُشبَّه بالأدواتِ، وإذا قال أُفٍ مثلُ صهٍ. وقالوا سمِعتُ: مِضِّ يا هذا ومِضُّ.
وحُكِى عن الكسائيِّ أنه قال: سمِعتُ. ما علَّمَك أهلُك إلا مِضِّ ومِضُّ.
وهذا كأَفَّ وأفُّ. ومن قال: أُفًّا جعَله مثلَ "سُحْقًا وبُعدًا".
والذي هو أولَى بالصحةِ عندى في قراءةِ ذلك قراءةُ مَن قرَأه:(فلا تَقُلْ لَهُما أُفِّ). بكسرِ الفاءِ بغيرِ تنوينٍ؛ لعلَّتين: إحداهما، أنها أشهرُ اللغاتِ فيها وأفصحُها عندَ العربِ (١). والثانيةُ، أن حظَّ كلِّ ما لم يَكُنْ له معربٌ من الكلامِ السكونُ، فلما كان ذلك كذلك وكانت الفاءُ في "أف" حظُّها الوقوفُ، ثم لم يكنْ إلى ذلك سبيلٌ لاجتماعِ الساكنين فيه، وكان حكمُ الساكنِ إذا حُرِّك أن يحرَّكَ إلى الكسرِ، حُرِّكت إلى الكسرِ، كما قيل: مُدِّ وشُدِّ ورُدِّ البابَ.
وقولُه: ﴿وَلَا تَنْهَرْهُمَا﴾. يقولُ جلَّ ثناؤُه: ولا تَزْجُرْهما.
كما حدَّثنا محمدُ بنُ إسماعيلَ الأَحْمَسِيُّ، قال: ثنا محمدُ بنُ عبيدٍ، قال: ثنا واصلٌ الرَّقَاشيُّ، عن عطاءِ بن أبى رَباحٍ في قولِه: ﴿فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا﴾. قال: لا تَنْفُضْ يدَك على والديك (٢).