وأما مَن ضَمَّ ذلك بغيرِ تنوينٍ، فإنه قال: ليس هو باسمٍ متمكنٍ فيُعْرَبَ بإعرابِ الأسماءِ المَتمكِّنةِ. وقالوا: نَضُمُّه كما نَضُمُّ قولَه: ﴿لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ﴾ [الروم: ٤]. وكما نَضُمُّ الاسمَ في النداءِ المفردِ فنقولُ: يا زيدُ.
ومَن نَصَبه بغيرِ تنوينٍ، وهى قراءةُ بعضِ المكيِّين وأهلِ الشامِ (١)، فإنّه شبَّهه بقولِهم: مُدَّ يا هذا ورُدُّ.
ومَن نصَب بالتنوينِ (٢)، فإنه أعمَل الفعلَ فيه، وجعَله اسمًا صحيحًا، فيقول: ما قلتُ له أفًّا ولا تُفًّا.
و كان بعضُ نحويِّى البصرةِ يقولُ: قُرِئت: (أُفَّ)، و (أفًّا). لغةٌ، فجعَلوها مثلَ نعتِها. وقرَأ بعضُهم (٣): (أُفٌّ). وذلك أن بعضَ العرب يقولُ: أُفٍّ لك. على الحكايةِ؛ أي: لا تَقُلْ لهما هذا القولَ. قال: والرفعُ قبيحٌ، لأنه لم يَجِئْ بعدَه بلامٍ. والذين قالوا: أُفِّ. فكسَروا كثيرٌ، وهو أجودُ، وكسَر بعضُهم ونوَّن.
وقال بعضُهم: أُفِّى. كأنه أضَاف هذا القولَ إلى نفسِه، فقال: أُفِّى هذا لكما، والمكسورُ من هذا منوَّنٌ وغيرُ منوَّنٍ على أنه اسمٌ غيرُ متمكِّنٍ، نحوَ "أمس" وما أشبَهه، والمفتوحُ بغيرِ تنوينٍ كذلك.
وقال بعضُ أهلِ العربيةِ: كلُّ هذه الحركاتِ الستِّ تَدْخُلُ في "أف" حكايةً، تُشَبَّهُ بالاسمِ مرةً وبالصوتِ أُخْرَى. قال: وأكثرُ ما تُكْسَرُ الأصواتُ بالتنوينِ إذا
(١) وهى قراءة ابن كثير وابن عامر. السبعة لابن مجاهد ص ٣٧٩. (٢) وهى قراءة زيد بن علي. البحر المحيط ٦/ ٢٧. (٣) وهى قراءة محكية عن هارون. المصدر السابق.