كما حدَّثني يونسُ، قال: أخبرَنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قوله: ﴿فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا﴾. قال: إذا جَاء وعدُ أُولى تينك المرَّتين اللتين (١)، قضَينا إلى بنى إسرائيل: ﴿لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ﴾.
وقولُه: ﴿بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا﴾. يعني تعالى ذكرُه بقوله: ﴿بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ (٢)﴾: وجَّهنا إليكم، وأرسلنا عليكم، ﴿عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ﴾. يقولُ: ذوى بطشٍ في الحروب شديدٍ.
وقولُه: ﴿فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ﴾. يقولُ: فتردَّدُوا بين الدُّور والمساكن، وذهَبوا وجاءوا. يُقالُ فيه: جَاس القومُ بين الديار وحاسُوا - بمعنًى واحدٍ - وجُسْتُ أنا أَجُوسُ جَوْسًا وَجَوَسَانًا.
وبنحو الذي قُلنا في ذلك رُوى الخبرُ عن ابن عباسٍ.
حدَّثني عليُّ بنُ داودَ، قال: ثنا عبدُ الله، قال: ثني معاويةُ، عن عليٍّ، عن ابن عباسٍ: ﴿فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ﴾. قال: مشَوا (٣).
وكان بعضُ أهل المعرفة بكلام العرب من أهل البصرة يقولُ: معنى ﴿فَجَاسُوا﴾: قتلوا. ويُستَشهدُ لقوله ذلك ببيتِ حسان (٤):
(١) في ص، ت ٢، ف: "التي". (٢) في ص، ت ١، ت ٢، ف: "إليكم". (٣) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ١٦٥ إلى المصنف، وابن المنذر، وابن أبي حاتم. (٤) هو أبو عبيدة في مجاز القرآن ١/ ٣٧٠. والبيت ليس فيه.