وقال آخرون: بل عنَى اللهُ تعالى ذكرُه بقولِه: ﴿وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ﴾. نبيَّ اللهِ خاصّةً، دون سائرِ أصحابِه، فكان الأمرُ بالصبرِ له عزيمةً من اللهِ دونَهم.
ذِكرُ مَن قال ذلك
حدَّثني يونسُ، قال: أخبَرنا ابنُ وهبٍ، قال: قال ابنُ زيدٍ في قولِه: ﴿وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ﴾. قال: أمَرَهم اللهُ أن يَعفُوا عن المشركين، فأسلَم رجالٌ لهم مَنَعةٌ، فقالوا: يا رسولَ اللهِ، لو أذِن اللهُ لنا لانتصَرنا مِن هؤلاء الكلابِ. فنزل القرآنُ: ﴿وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ﴾. واصبِرْ أنتَ يا محمدُ، ولا تكنْ (١) ممَّن ينتصِرُ، وما صبرُك إلا باللهِ. قال: ثم نسَخ هذا، وأمَره بجهادِهم، فهذا كلُّه منسوخٌ (٢).
وقال آخرون: لم يُعْنَ بهاتين الآيتين شيءٌ مما ذكَر هؤلاءِ، وإنما عُنِى بهما أنّ من ظُلِم بظُلامةٍ، فلا يحِلُّ له أن ينالَ [ممن ظلَمه](٣) أكثرَ ممّا نال الظالمُ منه. وقالوا: الآيةُ محكمةٌ غيرُ منسوخةٍ.
ذِكرُ مَن قال ذلك
حدَّثنا الحسنُ بنُ يحيى، قال: أخبَرنا عبدُ الرزاقِ، قال: أخبَرنا الثوريُّ، عن خالدٍ، عن ابنِ سيرينَ: ﴿وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ﴾. يقولُ:
(١) بعده في م: "في ضيق". (٢) عزاه السيوطى فى الدر المنثور ٤/ ١٣٥ إلى المصنف وابن أبي حاتم. (٣) فى ص، ت ٢، ف: "من ظلمه"، وفي ت ١: "من ظالمه".