الذين آمنوا، فاستعاذوا باللهِ منه؛ بما ندَب اللهُ تعالى ذكرُه من الاستعاذةِ، وعلى ربِّهم يتوكلون على ما عرَض لهم من خَطَراتِه (١) ووساوسِه.
وإنما قلنا: ذلك أولى التأويلاتِ بالآيةِ؛ لأن اللهَ تعالَى ذكرُه أتْبَع هذا القولَ: ﴿فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ﴾. وقال في موضعٍ آخر: ﴿وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ [الأعراف: ٢٠٠]. فكان بيِّنًا بذلك أنه إنما ندَب عبادَه إلى الاستعاذةِ منه في هذه الأحوالِ، ليُعيذَهم من سلطانِه.
وأما قولُه: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ﴾ فإن أهلَ التأويلِ اختلَفوا في تأويلِه؛ فقال بعضُهم فيه بما قلنا: إن معناه: والذين هم باللهِ مشركون.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثني محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، وحدَّثني الحارثُ، قال: ثنا الحسنُ، قال: ثنا ورقاءُ، وحدَّثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفةَ، قال: ثنا شبلٌ، وحدَّثني المُثَنَّى، قال: ثنا إسحاقُ، قال: ثنا عبدُ اللهِ، عن ورقاءَ، جميعًا عن ابنِ أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قولَه: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ﴾. قال: يعدلِون بربِّ العالمين (٢).
حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثنى حجاجٌ، عن ابنِ جريجٍ، عن مجاهدٍ: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ﴾. قال: يعدِلون باللهِ.
(١) فى ص، ت ١، ت ٢، ف: "خطواته". (٢) تفسير مجاهد ص ٤٢٥، وعزاه السيوطى فى الدر المنثور ٤/ ١٣٠ إلى ابن أبي شيبة والمصنف وابن المنذر وابن أبي حاتم.