حدَّثنا ابن عبدِ الأعلى، قال: ثنا محمدُ بنُ ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادةَ، قال: تجرى مُقْبِلةً ومُدْبِرةً، بريحٍ واحدةٍ (٢).
حدَّثنا المُثَنَّى، قال: أخبرنا إسحاقُ، قال: ثنا يحيى بنُ سعيدٍ، عن يزيدَ بنُ إبراهيمَ، قال: سمِعت الحسنَ: ﴿وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ﴾. قال: مقبلةً ومدبرةً، بريحٍ واحدةٍ (٣).
والمخْرُ في كلامِ العربِ صوتُ هبوبِ الريحِ إذا اشتدَّ هبوبُها، وهو في هذا الموضعِ صوتُ جريِ السفينةِ بالريحِ إذا عصَفَت، وشَقِّها الماءَ حينَئِذٍ بصدرِها. يُقالُ: منه: مخَرَت السفينةُ تَمْخُرُ مَخْرًا ومُخورًا، وهى ماخرةٌ. ويقالُ: امْتَخَرْتُ الريحَ وتَمَخَّرْتُها. إذا نظَرْتَ مِن أين هُبوبُها، وتَسَمَّعْتَ صوتَ هُبوبِها. ومنه قولُ واصلٍ مولى أبي (٤) عُيَيْنةَ: كان يُقالُ: إذا أراد أحدُكم البولَ فلْيَتَمَخَّرِ الريحَ. يريدُ بذلك: ليَنْظُرْ مِن أينَ مَجراها وهبوبُها؛ ليَسْتَدْبِرَها، فلا تُرجِعَ عليه البولَ وتردَّه عليه (٥).
وقولُه: ﴿وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: ولتَتصَرَّفوا في طلبِ معايِشِكم بالتجارةِ (٦)، كما حدَّثني المُثَنَّى، قال: ثنا أبو حذيفةَ، قال: ثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: ﴿وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ﴾. قال: تجارةُ البرِّ والبحرِ.
(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ١٣ إلى المصنف، كما ذكره البغوي في تفسيره ٥/ ١٢ عن قتادة. (٢) عبد الرزاق ١/ ٣٥٤ عن معمر به. (٣) في م: "واحد". والأثر ذكره الطوسى في التبيان ٦/ ٣٦٧ عن الحسن به (٤) في م، ص، ف: "ابن"، وينظر مصدر التخريج. (٥) ينظر تلخيص الحبير لابن حجر ١/ ١٠٧. (٦) بعده في النسخ: "سخر لكم"، وهو انتقال نظر. والمثبت ما يقتضيه السياق.