محمدٍ ﷺ؛ فبينا هو يومًا يَرْعَى، إذ أتاه صاحبُه الذى يَعْقُبُه، فقال له (١): أشَعَرْتَ أنه (٢) قدِم اليومَ المدينةَ رجلٌ يَزْعُمُ أنه نبىٌّ؟ فقال له سلمانُ: أَقِمْ في الغنمِ حتى آتِيَك. فهبَط سلمانُ إلى المدينةِ، فنظَر إلى النبيِّ ﷺ ودار حولَه، فلمَّا رآه النبيُّ ﷺ عرَف ما يُرِيدُ، فأرْسَل ثوبَه، حتى خرَج خاتمُه، فلمَّا رآه أتاه وكلَّمه، ثم انْطَلَق، فاشْتَرَى بدينارٍ، ببعضِه شاةً فشواها (١)، وببعضِه خبزًا، ثم أتاه به، فقال:"ما هذا؟ " قال سلمانُ: هذه صدقةٌ، قال:"لا حاجةَ لى بها، فأخْرِجْها فلْيَأْكُلْها المُسْلِمون". ثم انْطَلَق فاشْتَرَى بدينارٍ آخرَ خبزًا ولحمًا، فأتَى به النبيَّ ﷺ، فقال:"ما هذا؟ " قال: هذه هديَّةٌ. قال:"فاقْعُدْ فكُلْ (٢) ". فقعَد فأكَلا جميعًا منها، فبينا هو يُحَدِّثُه إذ ذكَر أصحابَه، فأخْبَرَه خبرَهم، فقال: كانوا يَصُومون ويُصَلُّون ويُؤْمِنون بك، ويَشْهَدون أنك ستُبْعَثُ نبيًّا. فلما فرَغ سلمانُ مِن ثنائِه عليهم قال له نبىُّ اللهِ:"يا سَلْمانُ، هم مِن أهلِ النارِ". فاشْتَدَّ ذلك على سلمانَ، وقد كان قال له سلمانُ: لو أدْرَكوك صدَّقوك واتَّبَعوك. فأنْزَل اللهُ هذه الآيةَ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ﴾. فكان إيمانُ اليهودِ أنه مَن تمَسَّك بالتَّوْراةِ وسنةِ موسى [كان مؤمنًا](٣)، حتى جاء عيسى، فلما جاء عيسى كان مَن تمَسَّك بالتَّوْراةِ وأخَذ بسنةِ موسى فلم يَدَعْها، و (٤) يَتَّبِعْ عيسى كان هالكًا. وإيمانُ النصارى أنه مَن تمَسَّك بالإنجيلِ منهم وشرائعِ عيسى، كان مؤمنًا مَقْبولًا منه، حتى جاء محمدٌ ﷺ، فمن لم يَتَّبِعْ محمدًا ﷺ
(١) سقط من م، ت ١، ت ٢، ت ٣. (٢) بعده في م، ت ١، ت ٣: "قد". (٣) سقط من: م، ت ١، ت ٢، ت ٣. (٤) بعده في م: "لم".