فإن قال لنا قائلٌ: فأين تمامُ قولِه: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ﴾؟ [قيل: تمامُه](١) جملةُ قولِه: ﴿مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ﴾. لأن معناه: مَن آمَن منهم باللهِ واليومِ الآخِرِ. فترَك ذكرَ "منهم" لدلالةِ الكلامِ عليه؛ اسْتِغْناءً بما ذكَر عمَّا ترَك ذكْرَه.
فإن قال: وما معنى هذا الكلامِ؟
قيل معناه: إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين، مَن يُؤْمِنْ منهم (٢) باللهِ واليومِ الآخِرِ فلهم أجرُهم عندَ ربِّهم.
فإن قال: وكيف يُؤْمِنُ المؤمنُ؟
قيل: ليس المعنى في المؤمنِ المعنى الذي ظنَنْتَه، مِن انْتِقالٍ مِن دينِ إلى دينِ، كانتقالِ [اليهودِ والنصارى](٣) إلى الإيمانِ -وإن كان قد قيل: إن الذين عُنُوا بذلك مَن كان مِن أهلِ الكتابِ على إيمانِه بعيسى صلى اللهُ عليه، وبما جاء به، حتى أدْرَك محمدًا ﷺ: فآمَن به وصدَّقه، فقيل لأولئك الذين كانوا مؤمنين بعيسى وبما جاء به إذْ (٤) أدْرَكوا محمدًا ﷺ: آمِنُوا بمحمدٍ ﷺ، وبما جاء به- ولكن معنى إيمانِ المؤمنِ في هذا الموضعِ ثباتُه على إيمانِه وتركُه تَبديلَه.
(١) في ت ١، ت ٣: "قبل إتمامه". (٢) سقط من: م، ت ١، ت ٢، ت ٣. (٣) في م: "اليهودي والنصرانى". (٤) في الأصل: "إذا".