كأنه قال: أمرُها بالشَّمالِ، وإلى الشَّمالِ. وقولُ لبيد أيضًا (٤):
* حتى إذا ألْقَت يدًا في كافرٍ (٥) *
فكأنه قال: حتى وقَعت في كافرٍ.
وقال آخر منهم (٦): هو من المكفوفِ عن خبرِه. قال: والعربُ تَفْعَلُ ذلك. قال: وله معنًى آخرُ: للذين استجابوا لربِّهم الحسنى مَثَلُ الجنةِ، موصولٌ، صفةٌ لها على الكلام الأوّل.
قال أبو جعفر: وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال: ذكر المثلَ فقال: ﴿مَّثَلُ الْجَنَّةِ﴾. والمراد الجنةُ، ثم وُصفت الجنةُ بصفتها، وذلك أن مَثَلَها إنما هو صفتها، وليست صفتها شيئًا غيرَها. وإذ كان ذلك كذلك، ثم ذكر المثل، فقيل: ﴿مَثَلُ الْجَنَّةِ﴾، ومَثَلُها صفتها وصفة الجنة، فكان وصفها كوصف المثلِ، وكان كأن الكلام جرى بذكر الجنة، فقيل: الجنةُ تجرى من تحتها الأنهارُ. كما قال الشاعرُ (٧):
(١) شرح ديوانه ص ٧٧. (٢) الصوار: القطيع من البقر. اللسان (ص و ر). (٣) النطوف: القطور، وليلة نطوف: تمطر حتى الصباح. اللسان (ن ط ف). (٤) شرح ديوانه ص ٣١٦. (٥) كافر: ليل مظلم؛ لأنَّه ستر كل شيء بظلمته. الصحاح (ك ف ر). (٦) هو أبو عبيدة في مجاز القرآن ١/ ٣٣٣، ٣٣٤. (٧) هو جرير بن عطية، وتقدم البيت في ٥/ ٦٥٨.