الجبالَ، أو أجْرَيتَ لنا الأنهارَ، أو كلَّمتَ به الموتى. فنزَل ذلك. قال ابن جريجٍ: وقال ابن عباسٍ: قالوا: سَيِّرْ بالقرآنِ الجبالَ، قَطِّعْ بالقرآنِ الأرضَ، أخرِجْ به موتانا (١).
حدَّثنا الحسنُ بنُ محمدٍ، قال: ثنا حجاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: قال ابن كثيرٍ: قالوا: لو فَسَحْتَ عنا الجبالَ، أو أجْرَيتَ لنا الأنهارَ، أو كلَّمتَ به الموتى. فنزَل: ﴿أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا﴾.
وقال آخرون: بل قولُه (٢): ﴿وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ﴾. كلامٌ مبتدأٌ، مُنْقَطِعٌ عن قولِه: ﴿وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ﴾. قال: وجوابُ "لو" محذوفٌ، استُغْنِى بمعرفةِ السامعين المرادَ مِن الكلامِ عن (٣) ذكرِ جوابِها. قالوا: والعربُ تَفْعلُ ذلك كثيرًا، ومنه قولُ امرئ القيسِ (٤):
فلو أنها نَفْسٌ تموتُ سريحةً (٥) … ولكنها نَفْسٌ تَقَطَّعُ (٦) أَنْفُسًا
وهو آخرُ بيتٍ في القصيدةِ (٧)، فتُرِك الجوابُ اكتفاءً بمعرفةِ سامعِه مرادَه.
وكما قال الآخرُ (٨):
فأُقسمُ لو شيءٌ أتانا رسولُه … سواك ولكن لم نَجِدْ لك مَدْفَعا
(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ٦٣ إلى المصنف وأبى الشيخ من قول ابن عباس وحده. (٢) في م: "معناه". (٣) في ص، ت ١، ت ٢، ف: "من". (٤) ديوانه ص ١٠٧. (٥) في الديوان: "جميعة". والسريحة: السهلة. اللسان (س ر ح). (٦) في الديوان: "تساقط". (٧) ليس البيت - في ديوانه الذي بين أيدينا - آخر بيت في القصيدة، وإنما بعده ثلاثة أبيات. (٨) هو امرؤ القيس أيضا، وتقدم البيت في ٢/ ٣٦٢، ينظر تخريجه والتعليق عليه هناك.