وذلك أن البرقَ الماءُ في هذا الموضعِ، كما حدَّثني المُثَنَّى، قال: ثنا حجاجٌ، قال: ثنا حمادٌ، قال: أخبرَنا موسى بنُ سالمٍ أبو جهضَمٍ، مولى ابن عباسٍ، قال: كتَب ابن عباسٍ إلى أبى الجَلْدِ يسألُه عن البرقِ، فقال: البرقُ الماءُ (٢).
وقولُه: ﴿وَطَمَعًا﴾. يقولُ: وطمَعًا للمُقيمِ أن يُمْطَرَ فَيَنْتَفِعَ.
كما حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا﴾. يقولُ: خوفًا للمسافرِ في أسفارِه؛ يَخافُ أذاه ومشقتَه، وطَمَعًا للمقيمِ؛ يَرْجُو بَرَكتَه ومنفعتَه، ويَطْمعُ في رزقِ اللَّهِ (٣).
حدَّثنا محمدُ بنُ عبدِ الأعلى، قال: ثنا محمدُ بنُ ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادةَ: ﴿خَوْفًا وَطَمَعًا﴾: خوفًا للمسافرِ، وطمعًا للمقيمِ (٤).
وقولُه: ﴿وَيُنْشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ﴾: ويثيرُ السحابَ الثَّقالَ بالمطرِ، ويُبْدِئُه، يقالُ منه: أنشَأ اللَّهُ السحابَ، إذا أبدَأه، ونشَأ السحابُ: إذا بدَأ. يَنْشَأُ نَشْئًا، والسحابُ في هذا الموضعِ وإن كان في لفظٍ واحدٍ، فإنها جمعٌ، واحدتُها سحابةٌ، ولذلك (٥) قال: ﴿الثِّقَالَ﴾، فنعَتها بنعتِ الجمعِ، ولو كان جاء: السحابَ الثقيلَ. كان جائزًا، وكان توحيدًا للَفظِ السحابِ، كما قيل: ﴿جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ﴾ [يس: ٨٠].
(١) ينظر ما تقدم في ١/ ٣٦٢ - ٣٨٠. (٢) تقدم في ١/ ٣٦٤ من طريق آخر عن ابن عباس. (٣) عزاه السيوطي في "الدر المنثور" ٤/ ٤٩ إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبى الشيخ. (٤) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ١/ ٣٣٣، عن معمر به. (٥) في ص، ت ٢، س، ف: "كذلك".