بلَغ: ﴿وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ﴾ الآية. فقرَأ حتى بلَغ: ﴿وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ﴾ [الرعد: ١٣، ١٤]. قال: وقال لَبيدٌ في أخيه أربَدَ، وهو يَبْكِيه (١):
أخشَى على أربدَ الحُتُوفَ (٢) ولا … أرهبُ نَوْءَ السِّمَاكِ (٣) والأَسَدِ
قال أبو جعفرٍ: وهذا القولُ الذي قاله ابن زيدٍ في تأويلِ هذه الآيةِ، قولٌ بعيدٌ من تأويلِ الآيةِ، مع خلافِه أقوالَ من ذكَرنا قولَه من أهلِ التأويلِ، وذلك أنه جعَل الهاءَ في قولِه: ﴿لَهُ مُعَقِّبَاتٌ﴾. من ذكرِ رسولِ اللَّهِ ﷺ، ولم يَجرِ له في الآيةِ التي قبلَها، ولا في التي قبلَ الأخرى ذكرٌ، إلا أن يَكُونَ أراد أن يردُّها على قولِه: ﴿إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ﴾ [الرعد: ٧] ﴿لَهُ مُعَقِّبَاتٌ﴾. فإن كان أراد (٦) ذلك، فذلك بعيدٌ لما بينَهما من الآياتِ، بغيرِ ذكرِ الخبرِ عن رسولِ اللَّهِ ﷺ. وإذا كان كذلك، فكونُها عائدةً على "مَن" التي في (٧) قولِه: ﴿وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ﴾. أقربُ؛ لأنه قبلَها، والخبرُ بعدَها عنه، فإذا كان ذلك كذلك، فتأويلُ
(١) شرح ديوان لبيد ص ١٥٨. (٢) الحتف: الموت، وجمعه حتوف. اللسان (ح ت ف). (٣) السماك نجم معروف، والنوء النجم إذا مال للمغيب، وكانوا في الجاهلية يقولون: مطرنا بنوء الثريا والدبران والسماك. فنهوا عن ذلك. اللسان (ن و أ)، (س م ك). (٤) الصاعقة: نار تسقط من السماء في رعد شديد. اللسان (ص ع ق). وينظر ما تقدم في معناها ١/ ٦٩٠، ٦٩١. (٥) النجدة: الشدة، ورجل نَجُد ونَجِد: شديد البأس، والنَّجَد: العرق من عمل أو كرب. اللسان (ن ج د). والأثر عزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ٤٨، ٤٩ إلى المصنف وأبى الشيخ. (٦) سقط من: ت ١، ت ٢، س. (٧) في ص، ت ١، ت ٢، ف: "و".