فما فَتِئَتْ حتى كأنَّ غُبارَها … سُرادِقُ يومٍ ذى رِياحٍ ترَفَّعُ
وقولُه (١) الآخرُ (٢):
فما فتِئَتْ خِيلٌ تَثُوبُ وتدَّعِى … ويَلْحَقُ منها لاحقٌ وتَقَطَّعُ
بمعنى: فما زالت.
وحُذِفت "لا" مِن قولِه: ﴿تَفْتَأُ﴾. وهى مرادةٌ في الكلامِ؛ لأن اليمينَ إذا كان ما بعدَها خبرًا لم يَصْحَبْها الجحدُ، ولم تَسْقُطِ اللامُ التي يُجابُ بها الأيمانُ، وذلك كقولِ القائلِ: واللَّهِ لآتينَّك. وإذا كان ما بعدَها مجحودًا تُلُقِّيتْ بـ "ما" أو بـ "لا"، فلما عُرِف موقعُها حُذِفت من الكلامِ، لمعرفةِ السامعِ بمعنى الكلامِ، ومنه قولُ امرئَ القَيْس (٣):
فحُذِفت "لا" من قولِه (٤): أَبْرَحُ قاعدًا؛ لِمَا ذكَرْتُ من العلَّةِ، كما قال الآخرُ (٥):
فلا وأبى دَهْماءَ زالت عزيزةً … على قومِها ما فتَّل الزَّنْدَ قادحُ
يُريدُ: لا زالتْ.
وقولُه: ﴿حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا﴾. يقولُ: حتى تكونَ دنِفَ الجسمِ،
(١) في م، ت ١، ت ٢، ف: "قول". (٢) ديوانه ص ٥٨. (٣) تقدم البيت في ٤/ ١٢. (٤) بعده في ص، ت ١، ت ٢: "لا". (٥) البيت في معاني القرآن للفراء ٢/ ٥٤، وتأويل مشكل القرآن ص ١٧٤، وينظر الكلام عليه في الخزانة ٩/ ٢٣٧ وما بعدها.