ذُكِر لنا أنه كان كلما بَحَث متاعَ رجلٍ منهم اسْتَغْفر ربَّه تأَثُّمًا، قد علِم أين (١) موضعُ الذي يَطْلُبُ، حتى إذا بقِى أخوه، وعلِم أن بُغْيَتَه فيه، قال: لا أَرَى (٢) هذا الغلامَ أخذه، ولا أُبالى أن لا أبْحث متاعَه. قال إخوتُه: إنه (٣) أطْيبُ لنفسِك وأنفسِنا أن تَسْتبْرِئَ متاعَه أيضًا، فلمَّا فتَح متاعَه، اسْتَخْرَج بُغْيَتَه منه. قال اللهُ: ﴿كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ﴾.
واخْتلَف أهلُ العربيةِ في الهاءِ والألفِ اللتين في قولِه ﴿ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا مِنْ وِعَاءِ أَخِيهِ﴾. فقال بعضُ نحويِّى البصرةِ: هي مِن ذِكْرِ الصُّواع، قال: وأَنَّث. وقد قال: ﴿وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ﴾؛ لأنه عنى الصُّواعَ (٤)، قال: والصُّواعُ مذكَّرٌ، ومنهم من يُؤنِّتُ الصُّواع (٥)، وعُنى هاهنا السِّقاية، وهى مؤنثةٌ. قال: وهما اسمانِ لواحدٍ، مثلُ الثوب والملِحفةِ، مذكَّرٌ ومُؤنَّتٌ لشيءٍ واحدٍ.
وقال بعضُ نحويِّى الكوفةِ في قولِه: ﴿ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا مِنْ وِعَاءِ أَخِيهِ﴾. ذهب إلى تأنيث السرقةِ، قال (٦): وإن (٧) يَكنِ الصُّواعُ في معنى الصاعِ، فلعل هذا التأنيثَ مِن ذلك، قال: وإن شئت جعلتَه (٨) لتأنيثِ السقايةِ. قال: والصُّواعُ: ذَكَرٌ، والصاعُ يُؤَنَّثُ ويُذكَّرُ، فمن أنَّثه قال: ثلاثُ أَصْوُعٍ، مثلُ: ثلاثُ أَدْوُرٍ، ومَن ذكَّرُه قال: أصْواعٌ مثلُ أبوابٌ.
(١) في ت ١، ت ٢: "أي". (٢) في ت ١، ف: "أدرى". (٣) في ص، ت ١، ت ٢: "إن". (٤) في ص، ت ١، ف: "بالصواع"، وفي ت ٢: "بالصواب". (٥) بعده في ص، ت ١، ت ٢: "قال". (٦) معاني القرآن ٢/ ٥٢. (٧) بعده في ص: "لم". (٨) في ص، ت ١، ت ٢، ف: "جعلت".