﴿فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ﴾، يقولُ: فأعِدُّوا أمرَكم، واعزِمُوا على ما تُقْدمون عليه في أمْرِى.
يقالُ منه: أجمعتُ على كذا. بمعنى: عَزَمْتُ عليه، ومنه قولُ النبيِّ ﷺ:"مَن لم يُجْمِعْ على الصَّومِ مِن الليلِ فلا صَوْمَ له"(١). بمعنى: مَن لم يَعْزِم، ومنه قولُ الشاعرِ (٢):
يا لَيْتَ شِعْرِى والمُنَى لا تَنْفَعُ … هل أَغْدُونْ يومًا وأَمْرِى مُجْمَعُ
ورُوِى عن الأعْرجِ فى ذلك ما حدَّثني بعضُ أصحابِنا، عن عبدِ الوهابِ، عن هارونَ، عن أَسِيدٍ، عن الأعرجِ: ﴿فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ﴾. يقولُ: أَحْكِموا أمركم وادْعُوا شُرَكَاءَ كم (٣).
ونُصِبَ قوله: ﴿وَشُرَكَاءَكُمْ﴾ بفعلٍ مضمرٍ له، وذلك: وادْعوا شركاءَكم، وعُطِفَ بالشركاءِ على قولِه: ﴿أَمْرَكُمْ﴾ على نحوِ قولِ الشاعرِ (٤):
ورأيتِ زَوْجَكَ في الوَغَى … مُتَقَلِّدًا سَيْفًا ورُمْحَا
فالرمحُ لا يُتَقَلَّدُ، ولكن لمَّا كان فيما أُظْهِرَ مِن الكلامِ دليلٌ على ما حُذِفَ، فاكْتُفِى [بذكر ما](٥) ذُكِرَ منه مما حُذِفَ، فكذلك ذلك في قولِه: ﴿وَشُرَكَاءَكُمْ﴾.
(١) سقط من: ص، ت ١، ت ٢، س، ف. والحديث أخرجه أحمد ٦/ ٢٨٧ (الميمنية)، وأبو داود (٢٤٥٤)، والترمذى (٧٣٠)، والنسائي (٢٣٣٠ - ٢٣٤٠)، وغيرهم من حديث حفصة. وينظر نصب الراية،٢/ ٤٣٤، ٤٣٥، والإرواء ٤/ ٢٥ - ٣٠. (٢) البيت في اللسان (ج م ع)، ومعانى القرآن ١/ ٤٧٣، والنوادر ص ١٣٣. (٣) أخرجه ابن أبي حاتم فى تفسيره ٦/ ١٩٦٩ من طريق عبد الوهاب به (٤) تقدم تخريجه في ١/ ١٤٠. (٥) في ت ٢: "بما".