يقولُ تعالى ذكرُه: الله الذى يُسَيرُكم، أيُّها النَّاسُ، في البر على الظَّهْرِ، وفى البحر في الفلكِ، ﴿حَتَّى إِذَا كُنتُمْ فِي الْفُلْكِ﴾، وهى السُّفنُ، ﴿وَجَرَيْنَ بِهِم﴾. يعنى: وجَرَتِ الفلك بالناسِ، ﴿بِريحٍ طيبة﴾ في البحر ﴿وَفَرِحُوا بِهَا﴾. يعنى: وفَرِحَ رُكْبانُ الفلكِ بالريح الطيبة التي يسيرون بها. والهاءُ في قولِه: ﴿بِهَا﴾ عائدةٌ على الريحِ الطيبةِ، ﴿جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ﴾. يقولُ: جاءت الفلكَ ريحٌ عاصفٌ، وهي الشديدةُ.
والعربُ تقولُ: ريحٌ عاصفٌ وعاصفةٌ، وقد أعْصَفَتِ الريحُ وعصفت. و"أعْصَفَت" في بني أسدٍ فيما ذُكِر؛ قال بعضُ بني دُبَيْرِ (١).
﴿وَجَاءَ هُمُ الْمَوْجُ مِن كُلِّ مَكَانٍ﴾. يقول تعالى ذكرُه: وجاءَ ركبانَ السفينةِ الموجُ من كل مكانٍ، ﴿وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِم﴾. يقولُ: وظَنُّوا أن الهلاكَ قد أحاطَ بهم وأحْدَقَ، ﴿دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾. يقولُ: أَخْلَصُوا الدعاءَ للَّهِ هنالك، دون أوثانهم وآلهتِهم، وكان مَفْزَعُهم حينئذٍ إلى اللَّهِ دونَها.
كما حدَّثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمدُ بنُ ثَوْرٍ، عَن مَعْمَرٍ، عن قتادةَ في قوله: ﴿دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾. قال: إذا مَسَّهم الضُّرُّ في البحرِ
(١) البيت في معانى القرآن ١/ ٤٦٠ غير منسوب إلى قائل. (٢) جمع قَطر وهو: المطر. التاج (ق ط ر). (٣) الزَّجَل: رفع الصوت، وخُص به التطريب. اللسان (ز ج ل).