حدَّثني محمدُ بنُ سعدٍ، قال: ثنى أبي، قال: ثنى عمي، قال: ثنى أبي، عن أبيه، عن ابن عباسٍ قولَه: ﴿وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾. قال: لما بَنَى رسولُ اللهِ ﷺ مسجدَ قُباءٍ، خرَج رجالٌ مِن الأنصارِ؛ منهم بَحْزَجٌ (٢) جَدُّ عبدِ اللهِ بن حُنَيفٍ، ووَدِيعةُ بنُ حِزامٍ، ومُجَمِّعُ بنُ جاريةَ الأنصاريُّ، فَبَنَوا مسجد النِّفاقِ، فقال رسولُ اللهِ ﷺ لِبَحْزَجٍ:"وَيْلَكَ، مَا أَرَدْتَ إلى ما أَرَى". فقال: يا رسولَ اللهِ، واللهِ ما أردتُ إلا الحُسْنَى. وهو كاذبٌ، فصَدَّقَه رسولُ اللهِ، وأرادَ أَن يَعْذُرَه، فأنزَل اللهُ: ﴿وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾، يعني رجلًا منهم يقالُ له: أبو عامرٍ، كان مُحارِبًا لرسولِ اللهِ ﷺ، وكان قد انْطَلَق إلى هِرَقْلَ، فكانوا يَرْصُدُون [إذا قدِم](٣) أبو عامرٍ أن يُصلِّيَ فيه، وكان قد خرَج مِن المدينةِ مُحاربًا للهِ ولرسولِه: ﴿وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ﴾ (٤).
حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثنا حَجَّاجٌ، عن ابن جُريجٍ، قال: قال ابن عباسٍ: ﴿وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ﴾. قال: أبو عامرٍ الراهبُ، انطَلَق إلى قيصرَ، فقالوا: إذا جاء يُصَلِّي فيه. كانوا يَرَون أنه سيظهرُ على
(١) أخرجه ابن حاتم ٦/ ١٨٧٨، ١٨٨١، والبيهقى في الدلائل ٥/ ٢٦٢، ٢٦٣، من طريق أبي صالحٍ به وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ٢٧٦ إلى ابن المنذر وابن مردويه. (٢) في م: "بخدج"، والمثبت موافق لما في تفسير ابن أبي حاتم. (٣) بياض في ص، ت ١، س ف، وسقط من: م، والمثبت من تفسير ابن أبي حاتم والدر المنثور. (٤) أخرجه ابن أبي حاتم ٦/ ١٨٧٩، ١٨٨٠، ١٨٨١، وابن مردويه - كما في تخريج - الكشاف للزيلعي ٢/ ١٠١، ١٠٢ كلاهما عن محمد بن سعد به.