حدثني الحارث، قال: ثنا عبد العزيزِ، قال: ثنا سفيان، عن قيس بن مسلم، عن الحسن بن محمدِ بن عليٍّ: ﴿فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ﴾. قال: ظُلْمُ أنفسِكم أن لا تُحَرِّمُوهُنَّ كَحُرْمَتِهِنَّ. (١)
حدثنا أحمد بن إسحاقَ، قال: ثنا أبو أحمد، قال: ثنا سفيان، عن قيس بن مسلم، عن الحسن بن محمدٍ بنحوه.
قال أبو جعفرٍ: وأَوْلى الأقوال في ذلك عندى بالصواب قولُ مَن قال: فلا تَظْلِموا في الأشهر الأربعة أنفسَكم، باسْتحلال حَرامِها، فإن الله عَظَّمَها وعَظَّمَ حُرمتها.
وإنما قُلنا: ذلك أولى بالصوابِ في تأويله؛ لقوله: ﴿فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ﴾. فأخرج الكناية عنهن (٢) مُخْرَجَ الكناية عن جمعِ (٣) ما بين الثلاثة إلى العشرة. وذلك أن العربَ تقولُ فيما بين الثلاثةِ إلى العشرة إذا كَنَتْ عنه: فَعَلنا ذلك لثلاث ليالٍ خَلَون، ولأربعةِ أيام بَقِين. وإذا أخْبَرَت عما فوقَ العشرة إلى العشرين قالت: فَعَلْنا ذلك لثلاثَ عشْرَةَ خَلَت، ولأربعَ عَشْرَةَ مَضَت. فكان في قوله جلَّ ثناؤُه: ﴿فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ﴾. وإخراجه كناية عددِ الشهور التي نَهَى المؤمنين عن ظُلْمِ أنفسهم فيهن مُخْرَجَ عددِ الجمع القليلِ من الثلاثة إلى العشرة - الدليل الواضح على أن الهاءَ والنونَ من ذكره "الأشهر الأربعةِ" دونَ "الاثنى العشَرَ"؛ لأن ذلك لو كان كناية عن "الاثْنى العشَرَ الشهرَ" لكان: فلا تَظْلِموا فيها أنفسكم.
(١) أخرجه ابن أبي حاتم ٦/ ١٧٩٢ من طريق سفيان به. (٢) في م: "عنه". (٣) في ص، ت ١، ت ٢، س، ف: "جميع".