أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ في قولِه: ﴿إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ﴾. قال: كان فُرِض عليهم إذا لَقِيَ عشرون مائتين أن لا يَفِرُّوا، فإنهم إن لم يَفِرُّوا غَلَبوا، ثم خَفَّفَ اللَّهُ عنهم فقال: ﴿فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ﴾، فيقولُ: لا ينبغي أن يَفِرَّ ألفٌ مِن ألفين، فإنهم إن صَبَروا لهم غَلَبوهم (١).
حدَّثنا الحسنُ، قال: أخبرنا عبدُ الرزاقِ، قال: أخبرَنا الثوريُّ، عن جُويبرٍ، عن الضحاكِ، قال: كان هذا واجبًا أن لا يَفِرَّ واحدٌ من عشرةٍ (٢).
وبه قال: أخبرنا الثوريُّ، عن لَيْثٍ، عن عطاءٍ مثلَ ذلك (٣).
وأما قوله: ﴿بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ﴾ فقد بَيَّنَّا تأويلَه (٤).
وكان ابن إسحاق يقولُ في ذلك ما حدَّثنا به ابن حميدٍ، قال: ثنا سَلَمةُ، عن ابن إسحاقَ: ﴿بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ﴾، أي: لا يُقاتِلون على نيةٍ (٥)، ولا حقٍّ فيه، ولا معرفةٍ بخيرٍ (٦) ولا شرٍّ (٧).
وهذه الآيةُ، أعنى قولَه: ﴿إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ﴾، وإن كان مخرجُها مخرجَ الخبرِ، فإن معناها الأمرُ، يدلُّ على ذلك قولُه: ﴿الْآنَ
(١) تفسير عبد الرزاق ١/ ٢٦١، وتفسير مجاهد ٣٥٧، ٣٥٨ بنحوه. (٢) تفسير عبد الرزاق ١/ ٢٦١، وفي مصنفه (٩٥٢٦). (٣) تفسير عبد الرزاق ١/ ٢٦٢، وفي مصنفه (٩٥٢٧)، وتفسير الثوري ص ١٢١ عن ابن جريج عن عطاء. (٤) تقدم في ص ٢٦١ (٥) في ص، ت ٢، ت ٢، س، ف: "بينة". (٦) في م، ف، وتفسير ابن أبي حاتم: "لخير". (٧) سيرة ابن هشام ١/ ٦٧٥، وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٥/ ١٧٢٩ من طريق سلمة، عن ابن إسحاق، عن يحيى بن عباد عن أبيه.