المسلمون المشركين يَتَوادَعون به (١)، فإن "براءةَ" جاءَت بنسخِ ذلك، فأُمِر بقتالِهم على كلِّ حالٍ حتى يقولوا: لا إلهَ إلا اللَّهُ.
حدَّثنا ابن حُميدٍ، قال: ثنا يحيى بنُ واضحٍ، عن الحسينِ (٢)، عن يزيدَ، عن عكرمةَ والحسنِ البصريِّ، قالا: ﴿وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا﴾: نسَخَتها الآيةُ التي في "براءةَ"؛ قولُه: ﴿قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ﴾، إلى قولِه: ﴿وَهُمْ صَاغِرُونَ﴾ (٣)[التوبة: ٢٩].
حدَّثني محمدُ بنُ الحسينِ، قال: ثنا أحمدُ بنُ المفضلِ، قال: ثنا أسْباطُ، عن السديِّ: ﴿وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا﴾. يقولُ: وإن أرادوا الصلحَ فأرِدْه (٤).
حدَّثنا ابن حميدٍ، قال: ثنا سلمةُ، عن ابن إسحاقَ: ﴿وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا﴾، أي: إن دعَوْك إلى السَّلْمِ، إلى الإسلامِ، فصالِحْهم عليه (٥).
حدَّثني يونُسُ، قال: أخْبرَنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قولِه: ﴿وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا﴾. قال: فصالِحْهم، قال: وهذا قد نسَخَه الجهادُ (٦).
فأما ما قاله قتادةُ ومَن قال مثلَ قولِه مِن أن هذه الآيةَ منسوخةٌ، فقولٌ لا دَلالةَ
(١) سقط من: ص، ت ١، ت ٢، س، ف. (٢) في النسخ: "الحسن". وتقدم هذا الإسناد كثيرا. (٣) أخرجه ابن الجوزي في نواسخ القرآن ص ٣٤٦ من طريق الحسين بن واقد عن يزيد عن عكرمة عن ابن عباس. (٤) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٥/ ١٧٢٥ من طريق أحمد بن مفضل به. (٥) سيرة ابن هشام ١/ ٦٧٤. (٦) ذكره ابن كثير في تفسيره ٤/ ٢٧.