كما حدَّثنا عبدُ الوارثِ بنُ عبدِ الصمدِ، قال: ثني أبي، قال: ثنا أبانٌ، قال: ثنا هشامُ بنُ عروةَ، عن عروةَ قال: كانت قريشٌ قبلَ أن يَلْقاهم النبيُّ ﷺ يومَ بدرٍ قد جاءهم راكبٌ مِن أبى سفيانَ والركبِ الذين معه: إنا قد أجَزْنا القومَ [وأن ارجِعُوا](١). فجاء الركبُ الذين بعَثهم أبو سفيانَ الذين يَأْمُرُون قريشًا بالرَّجْعةِ بالجُحْفة، فقالوا: واللهِ لا نَرْجِعُ حتى نَنْزِلَ بدرًا، فنُقِيمَ به (٢) ثلاثَ ليالٍ، ويَرانا مَن غَشِيَنا مِن أهلِ الحجازِ، فإنه لن يرانا أحدٌ مِن العربِ وما جمَعْنا فيُقاتِلَنا. وهم الذين قال اللهُ: ﴿كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ﴾. والْتَقَوْا هم والنبيُّ ﷺ، ففتَح اللهُ على رسولِه، وأخْزَى أئمة الكفرِ، وشفَى صدورَ المؤمنين منهم (٣).
حدَّثنا ابنُ حميدٍ، قال: ثنا سلمةُ، قال: ثنى ابنُ إسحاقَ في حديثٍ ذكَره، قال: ثنى محمدُ بنُ مسلمٍ، وعاصمُ بنُ عُمرَ (٤)، وعبدُ اللَّهِ بنُ أَبي بكرٍ، ويزيدُ بنُ رُومانَ، عن عروةَ بنِ الزبيرِ وغيرِه (٥) مِن علمائِنا، عن ابنِ عباسٍ، قال: لمَّا رأَى أبو سفيانَ أنه أحْرَز عِيرَه، أرْسَل إلى قريشٍ: إنكم إنما خرَجْتم لتَمْنَعوا عيرَكم ورجالكم وأموالَكم، فقد نجَّاها اللهُ فارْجِعوا. فقال أبو جهلِ بنُ هشامٍ: واللَّهِ لا نَرْجِعُ حتى نَرِدَ بدرًا -وكان بدرٌ مَوْسمًا مِن مَواسمِ العربِ، يَجْتَمِعُ لهم بها سُوقٌ كلَّ عامٍ- فنُقِيمَ عليه ثلاثًا، ونَنْحَرَ الجُزُرَ، ونُطْعِمَ الطعامَ، ونَسْقِيَ الخمورَ، وتَعْزِفَ علينا
(١) في م: "فارجعوا". (٢) في م: "فيه". (٣) أخرجه المصنف في تاريخه ٢/ ٤٢٤ عن عبد الوارث به. (٤) في النسخ: "عمرو"، وهو خطأ. وهو عاصم بن عمر بن قتادة، وقد سبق مرارا. (٥) في ص: "غيرهم".