وقد اخْتَلف أهلُ التأويلِ فى من نزَلت هذه الآيةُ وفى السببِ الذي نزَلت فيه؛ فقال بعضُهم: نزَلت في منافقٍ كتَب إلى أبي سفيانَ يُطْلِعُه على سرِّ المسلمين.
ذكرُ من قال ذلك
حدَّثنا القاسمُ بنُ بشرِ بنِ معروفٍ، قال: ثنا شَبَابةُ بنُ سَوَّارٍ، قال: ثنا محمدٌ (١) المُحْرِمُ، قال: لقيتُ عطاءَ بنَ أبي رَباحٍ فحدَّثني، قال: ثني جابرُ بنُ عبدِ اللهِ أن أبا سفيانَ خرَج من مكةَ، فأتى جبريلُ النبيَّ ﷺ، فقال: إن أبا سفيانَ في مكانِ كذا وكذا. فقال النبىُّ ﷺ لأصحابِه:"إن أبا سفيانَ في مكان كذا وكذا، فاخرُجوا إليه واكتُموا". قال: فكتَب رجلٌ من المنافقين [إلى أبي سفيانَ أن محمداً](٢) يريدُكم فخُذوا حِذْرَكم. فأنْزَل اللهُ ﷿: ﴿لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ﴾ (٣).
وقال آخرون: بل نزَلت في أبي لُبابةَ، للذى (٤) كان من أمرِه وأمرِ بنى قُريظةَ.
ذكرُ من قال ذلك
حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثني أبو سفيانَ، عن معمرٍ، عن الزُّهْرىِّ قولَه: ﴿لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ﴾. قال: نزَلت في أبي لُبابةَ، بعَثه رسولُ اللهِ ﷺ فأشار إلى حلقِه أنه الذبحُ. قال الزُّهْرىُّ: فقال أبو لُبابةَ: لا واللهِ، لا أذوقُ طعامًا ولا شرابًا حتى أموتَ أو يتوبَ اللهُ علىَّ. قال: فمكَث سبعةَ أيامٍ لا
(١) بعده فى م: "بن". وينظر الجرح والتعديل ٨/ ١٩. (٢) في ص، ت ١، ت ٢، س، ف: "أن النبي ﷺ". (٣) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ١٧٨ إلى المصنف وابن المنذر وأبى الشيخ، وذكره ابن كثير في تفسيره ٣/ ٥٨٢ عن المصنف ثم قال: هذا حديث غريب جدا، وفي سنده وسياقه نظر. (٤) فى ص، ت ١، ت ٢، س، ف: "الذي".