حُدِّثتُ عن الحسينِ، قال: سمعت أبا معاذٍ، قال: ثنا عُبيد بن سليمانَ، قال: سمِعتُ الضحاك يقولُ في قوله: ﴿بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ﴾. يقولُ: متتابعين يوم بدرٍ (١).
واختلفتِ القرأةُ في قراءة ذلك؛ فقرأتْه عامة قرأة أهل المدينة:(مردَفين) بنصب الدال (٢).
وقرأه بعضُ المكيِّين وعامَّةُ قرأةِ الكوفيين والبصريين: ﴿مُرْدِفِينَ﴾ (٣) وكان أبو عمرو يقرؤه كذلك، ويقولُ فيما ذُكِر عنه: هو من أردف بعضهم بعضًا"، وأنكر هذا القول من قول أبي عمرٍو بعضُ أهل العلم بكلام العرب، وقال: إنما الإرْدافُ: أَن يَحمِلَ الرجلُ صاحبَه خلْفه، قال: ولم يُسْمَعْ هذا في نَعْتِ الملائكة يومَ بدرٍ.
واختلف أهل العلم بكلام العرب في معنى ذلك إذا قُرِئ بفتح الدال أو بكسرها.
فقال بعضُ البصريين والكوفيين: معنى ذلك إذا قُرِئ بالكسرِ: أن الملائكة جاءت يتبَعُ بعضها بعضًا، على لُغةِ مَن قال: أرْدفْتُه. وقالوا: العربُ تقول: أرْدفْتُه وردِفْتُه، بمعنى: تبِعْتُه وأتْبَعْتُه، واستُشهِد لصحةِ قولهم ذلك بما قال الشاعر (٤):
إذا الجَوْزَاءُ أرْدِفَتِ الثُّريَّا … ظنَنْتُ بَآلِ فاطِمةَ الظُّنُونا
(١) ذكره ابن أبي حاتم في تفسيره ٥/ ١٦٦٣ معلقًا. (٢) هي قراءة نافع. ينظر السبعة ص ٣٠٤، والتيسير ص ٩٥. (٣) هي قراءة ابن كثير وأبي عمرو وابن عامر وعاصم وحمزة والكسائي. ينظر المصدرين السابقين. (٤) هو حَزِيمة بن نهد، والبيت في لسان العرب (ر د ف)، (ق ر ظ) والأغاني ١٣/ ٧٨، وسمط اللآلي ص ١٠٠.