من الملائكةِ يُردِفُ بعضُهم بعضًا، ويتلو بعضهم بعضًا.
وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويلِ، وجاءت الرواية عن أصحاب رسول الله ﷺ.
ذكرُ الأخبار بذلك
حدَّثني محمد بن عبيدٍ المحاربيُّ، قال: ثنا عبد الله بن المبارك، عن عكرمة بن عمار، قال: ثنى سماك الحنفيُّ، قال: سمعتُ ابن عباس يقولُ: ثني عمرُ بنُ الخطابِ ﵁ قال: لما كان يوم بدر ونظَر رسول الله ﷺ إلى المشركين وعِدَّتِهم، ونظر إلى أصحابه نيِّفًا على ثلاثمائة، فاستقبل القبلة، فجعل يدعو ويقولُ:"اللهمَّ أنجِز لي ما وَعدتَنى، اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام، لا تُعبَدْ في الأرض". فلم يزل كذلك حتى سقط رداؤُه، وأخذه أبو بكرٍ الصديقُ ﵁، فوضع رداءَه عليه، ثم التزمه من ورائه، ثم قال: كذاك (١) يا نبيَّ الله، بأبي وأمِّى مناشدتَك ربَّكَ، فإنه سيُنجِزُ لك ما وعدك، فأنزل الله: ﴿إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلَائِكَةِ مُردِفِينَ﴾ (٢).
حدَّثني المثنى، قال: ثنا أبو صالحٍ، قال ثني معاويةُ، عن عليٍّ، عن ابن عباس، قال: لما اصطفَّ القومُ، قال أبو جهل: اللهمَّ، أولانا بالحقِّ فانصره. ورفع
(١) في م: "كفاك". وقد روى الخبر بالوجهين جميعا، قال النووى: هكذا وقع لجماهير رواة مسلم (كذاك) بالذال: ولبعضهم (كفاك) بالفاء، وفي رواية البخارى: حسبك مناشدتك ربك. وكلٌّ بمعنى. صحيح مسلم بشرح النووى ١٢/ ٨٥. (٢) أخرجه مسلم (١٧٦٣) من طريق ابن المبارك به، وأخرجه ابن أبي شيبة ١٠/ ٣٥٠، ١٤/ ٣٦٥، وأحمد ١/ ٣٣٤ - ٣٣٦ (٢٠٨)، وعبد بن حميد (٣١)، وأبو داود (٢٦٩٠)، والترمذى (٣٠٨١)، وأبو عوانة (٦٦٩٢ - ٦٦٩٥)، والطحاوى في المشكل (٣٣٠٩)، وابن أبي حاتم في تفسيره ٥/ ١٦٦٢، ١٧٣٠، وابن حبان (٤٧٩٣)، وأبو نعيم في الدلائل (٤٠٨)، والبيهقى ٦/ ٣٢١، وفى الدلائل ٣/ ٥١ - ٥٣ من طريق عكرمة به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ٦٩ إلى ابن المنذر وأبي الشيخ وابن مردويه.