وأصحابَه قد عرضوا (١) لعِيرِكم، وقال: لا غالب لكم اليوم من الناسِ، مَن مثلُكم؟! وإنى جارٌ لكم أن تكونوا على ما يكره الله. فخرجوا ونادوا أن لا يتخلَّفَ منا أحد إلا هدَمنا داره واستبحْناه. وأخذ رسول الله ﷺ وأصحابه بالرَّوحاء (٢) عينًا للقوم، فأخبره بهم، فقال رسولُ الله ﷺ:"إنَّ الله قد وَعَدكُمُ العِير أو القومَ". فكانت العيرُ أحبَّ إلى القوم [من القوم](٣)؛ كان القتالُ في الشوكةِ، والعيرُ ليس فيها قتال، وذلك قول الله ﷿: ﴿وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ﴾. قال: الشوكةُ: القتالُ، وغيرُ الشوكة: العِيرُ.
حدَّثني المثنى، قال: ثنا إسحاقُ، قال: ثنا يعقوب بن محمد الزهرى، قال: ثنا عبد الله بن وهبٍ، عن ابن لَهِيعَةَ، عن ابن أبي حبيب، عن أبي عمران، عن أبي أيوبَ، قال: أنزل الله جلَّ وعزَّ: ﴿وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ﴾. فلمّا وعدنا إحدى الطائفتين أنها لنا طابتْ أنفُسُنا، والطائفتان: عِيرُ أبي سفيان، أو قريش (٤).
حدَّثني المثنى، قال: ثنا سويد بن نصر، قال: أخبرنا ابن المبارك، عن ابن لَهِيعةَ، عن يزيدَ بن أبي حبيبٍ، عن أسلم أبى عمران الأنصاريِّ، أحسبه قال: قال أبو أيوبَ: ﴿وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ
(١) في ص، ت ١، س، ف: "عزموا". (٢) الروحاء: قرية جامعة لمزينة على ليلتين من المدينة، بينهما أحد وأربعون ميلا. معجم ما استعجم ٢/ ٦٨١. (٣) في ف: "و". (٤) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٥/ ١٦٦١ من طريق ابن وهب به، وفى ٥/ ١٦٦٠، ١٦٦١، والطبراني في الكبير (٤٠٥٦) من طريق ابن لهيعة مطولا.