خرَج مِن جوفِها إبليسُ، فأخَذ مِن الشجرةِ التى نهى اللهُ عنها آدمَ وزوجتَه، فجاء بها (١) إلى حَوَّاءَ، فقال: انظُرى إلى هذه الشجرةِ، ما أطيبَ ريحَها، وأطيبَ طعمَها، وأحسنَ لونَها! فأخَذَت حواءُ فأكَلَت منها، ثم ذهَبَت بها إلى آدمَ، فقالت: انظُرْ إلى هذه الشجرةِ، ما أطيبَ ريحَها، وأطيبَ طعمَها، وأحسنَ لونَها! فأكَل منها آدمُ، فبدَت لهما سَوآتُهما، فدخَل آدمُ في جوفِ الشجرةِ، فناداه ربُّه: يا آدمُ، أين أنت؟ قال: أنا هذا (٢) يا ربِّ. قال: ألا تَخرُجُ؟ قال: أَسْتَحْيِى منك يا ربِّ. قال: ملعونةٌ الأرضُ التى خُلِقْتَ منها لعنةً [تَتَحوَّلُ ثمارُها](٣) شوكًا. قال: ولم يَكُنْ في الجنةِ ولا في الأرضِ (٤) شجرةٌ كان أفضلَ مِن الطَّلْحِ والسِّدْرِ. ثم قال: يا حَوَّاءُ، أنت التى غرَرْتِ عبدي، فإنك لا تَحْمِلين حَمْلًا إلَّا حَملْتِه كَرْهًا، فإذا أرَدْتِ أن تَضَعِى ما في بطنِكِ أشْرَفْتِ على الموتِ مِرارًا. وقال للحيَّةِ: أنت التى دخَل الملعونُ في جوفِكِ، حتى غرَّ عبدِي، ملعونةٌ أنتِ لعنةً تتَحَوَّلُ قَوائِمُك في بطنِكِ، [ولا يكونُ](٥) لك رزقٌ إلَّا الترابُ، أنت عدوَّةُ بنى آدمَ، وهم أعداؤُكِ، حيثُ لقيتِ أحدًا منهم أخَذْتِ بعَقِبِه، وحيثُ لقِيَكِ شدَخ رأسَكِ. قال عمرُ (٦): قيل لوهبٍ: وما كانت الملائكةُ تَأْكُلُ؟ قال: يَفْعَلُ اللهُ ما يَشاءُ (٧).
وقد رُوِى عن ابنِ عباسٍ نحوُ هذه القصةِ.
(١) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "به". (٢) في م، ت ٢: "هنا". (٣) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "يتحول ثمرها". (٤) في ص: "السماء". (٥) في ص، م، ت ١، ت ٢، وتاريخ المصنّف: "لا يكن"، وفى ت ٣: "لَمْ يكن". (٦) في م: "عمرو". (٧) تفسير عبد الرزاق ١/ ٢٢٦، وأخرجه المصنّف في تاريخه ١/ ١٠٨، وابن أبي حاتم في تفسيره ١/ ٨٧ (٣٨٢) -مختصرا- عن الحسن بن يحيى به. وعندهم: لما أسكن الله آدم وزوجته الجَنَّة. بدون شك.